عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

الخصومات السياسية دامية. لا ذرات رحمة فى قلوب الألداء. يتجاوز الغضب من الآخر لو كان سياسياً كل حد. يمتد إلى ما بعد الموت ليُلقى على النفس البشرية بظلال قبح يجعل الإنسان أشد شراً من إبليس.

يحكى لنا التاريخ كيف حُملت رأس الحسين بن على إلى عبيدالله بن زياد والى العراق، فوضعت فى طست كبير، وأخذ يحدثه شامتاً ويلعب بقضيب من الحديد فى رأسه، مسمياً إياه الكذاب بن الكذاب.

يستغرب الإنسان فُجر الخصومة، إذ قتل والى يزيد بن معاوية، ابن بنت رسول الله لرفضه المبايعة، وانتهى الأمر، وخلص الحكم دون منافس، فما الذى يدعوه للتشفى والانتقام من جثة بلا حراك؟

 أى قبح يفوح من روحه وهو يعبث برأس مقطوع؟ وأى فخر فى ذلك؟

وحتى عبد الملك بن مروان، والذى كان أحد فقهاء المدينة الكبار، قبل أن يولى الخلافة، حُمل إليه رأس عبدالله بن الزبير، خصمه اللدود، فلعب به كأنه إحدى التحف.

ألم يكن كافيا أن ينتصر على عدوه، ويأمر بدفنه دون عبث بجثمان أو رأس وينتهى كل شىء بشرف؟

وتمتد شناعات الخصومة لتكرر مشاهد القبح بعد تأسيس الدولة العباسية التى قامت على أساس تحقيق العدل ورد الحقوق. فها هو أبوالعباس السفاح أول الخلفاء يبث رجاله فى كل مكان لقتل أى أموى بلا محاكمة ولا رحمه ماحيا العصر البائد تماما. لكن الأشنع أن يأمر الرجل بنبش قبور خلفاء بنى أمية بدمشق وإخراج جثثهم وتعليقها فى ساحات دمشق وبعضهم قد مر على رحيله أكثر من نصف قرن. ويحكى المؤرخون أنهم وجدوا فى قبر معاوية بقايا رماد، فنثر فى الساحات، ووجدوا جمجمة عبد الملك بن مروان، فعلقت للعابرين. أما جثمان هشام بن عبدالملك، وكان قريب العهد بأفول الدولة الأموية فقد وجد كاملاً، وقام مجانين الحكم الجدد بتعليقه أمام الناس ثُم ضربوه بالسياط مرارا، قبل أن يحرقوه.

ما يوجب كل هذه البشاعات؟.. ما يدفع البعض إلى الانتقام من جثث؟.. وما هى البطولة فى ذلك؟.. أى مجد فى التمثيل بميت؟.. وما هى الغبطة فى التنكيل بُمنهزم؟ أما كان خيراً للمنتصر أن يتعامل بشرف مع خصمه؟.. أما كان أنبل أن يقف على قبره راثيا أو معتبرا؟

إنها حقارة الأنفس التى نزعت الرحمة من قلوبها، وطال الفجر فى الخصومة على مبادئ الشرف، وقيم النبل، وأخلاق الفرسان.

يقول أحمد شوقى أمير الشعراء: «محا الموت أسباب العداوة بيننا/فلا الثأر ملحاحٌ ولا الحقد ثائر/وما استحدثت عند الكرام شماتة/صروف المنايا والجدود العواثر/ وداعا وإن نحن اقتتلنا وجردت/حُساميْهما أوطاننا والعشائر».

تلك أخلاق الفرسان، فتعلموا، واعتبروا.

والله أعلى وأعلم.

 

[email protected]