رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

المثقف الحقيقى هو ضمير الأمة , ونبض الجماهير , وخيرمن يعبر عنهم ويصف أزماتهم , ويلتزم إنسانيا وسياسيا بفتح آفاق للحلول وتحقيق الحد الأدنى من مطالب الناس.

تغير حال المثقفين فى مصر منذ ثورة يوليو 52 حتى اليوم, فبعد أن كان المثقف فعالا فى عصر عبد الناصر, اصبح فاترا فى عصر السادات, أما فى عصر مبارك فقد غاب المثقف عن دوره – والحق يقال إن السبب ليس الواقع السياسى , بل العكس هو الصحيح , فقد كانت هناك مساحة كبيرة من الحرية إلى حد كبير , ولكن تمكنت أجهزة الدولة بأسلوبها الناعم من تسطيح دور هذا المثقف , وتعتيم المجتمع من حوله.

والحقيقة أن العلاقة لم تكن فى يوم من الأيام طيبة بين المثقف والسلطة، فهى دائمًا تنظر إليه نظرة توجس وشك وعدم اطمئنان، وبالجملة تضعه فى خانة المعارضة، والواقع أن المثقف بحكم طبيعته إنسان يدعو إلى الكمال ويعمل على تحقيق الأفضل للمجتمع، ولذلك فإنه لا يرضى عن الأحوال القائمة سواء كانت حسنة أو سيئة، أما الأحوال الحسنة فإنه يريد ما هو أحسن منها، وأما السيئة فإنه ينبه دائمًا إليها، ويدعو إلى تغييرها، وفى كلتا الحالين يبدو المثقف غير راض بل وأحيانًا غاضباً، ولأن تأثير المثقف يمتد إلى الجماهير، فإن أى سلطة تخشى من نفوذه فيهم، وتأثيره عليهم، ولذلك فإنها تحاول بكل الطرق أن تبعده عن الجماهير، وتبعد الجماهير عنه، ولها فى ذلك طريقتان: إما تستقطبه لجانبها بالمغريات المادية والأدبية، وإما أن تضيق الخناق عليه، وتغلق النوافذ من حوله.

وينقسم المثقفون أمام هذا الوضع أيضًا إلى فريقين أحدهما يسرع بمهادنة السلطة والتخلى عن مشروعه الثقافى النابع من ذاته، والمفروض عليه من واقع الجماهير فيقوم بتوظيف موهبته وقلمه لتفسير أعمال السلطة، وتبرير أخطائها إذا لزم الأمر، وهؤلاء فهموا أسس اللعبة مع النظام وأتقنوا السير على حباله، وتضاعف عددهم فى الحقبتين الساداتية والمباركية، فنالوا الفطائر الدسمة، وهم يلعنون السلطة فى جلساتهم الخاصة أحياناً، والسلطة تعرف ذلك بالطبع لكنها تغض الطرف عنه، لأنها تدرك أنهم لن يستطيعوا أن يأكلوا الفطيرة، ثم يحتفظوا بها فى الوقت نفسه، بمعنى أنهم لا بد أن يخسروا شيئاً، وللأسف فإنهم لا يخسرون إلا أنفسهم، والفريق الثانى يظل متمسكًا بموقفه منبهًا إلى طرق الإصلاح ومحذرًا من التهاوى فى المزيد من الفساد.

فهل نرى فريقا ثالثا مختلفا لا يستسلم لهذا الوضع الذى قلب الأوضاع , وجعل المثقف سالبا لحقوق الناس وليس مدافعا عنهم أو متفاعلا على اقل تقدير , بل صار عدوا بدلا من أن يكون مقاتلا فى صفوفهم.

فالسلطة قد تنتصر على المثقف وقتيًا وفى ظروف محددة، ولكن شهادته عليها تبقى دائمًا لكل العصور.

 

[email protected]