رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

فين الحصان يا طلبة؟.. يشرد الممثل القدير ويطأطئ رأسه المهزوم وعينيه الدامعتين، ويرد.. مات يا أفندم.. مات وهو بيجرى على آخر جهده، يلومه الشرطى الذى يرأسه وكان يطارده طيلة المسلسل، بأنه خرق القانون الذى يحفظه وخدمه طول عمره وهرب بالحصان، لكن الحصان لم يحتمل الجرى ومات وترك الشاويش طلبة يواجه العقوبة، لهروبه بحصان «رسمى» عجوز حتى يحميه من القتل بالرصاص بعد أن شاخ، كما يحدث لخيل الحكومة حين تشيخ وتمرض.

كان الشاويش طلبة يقترب من سن المعاش، وشعر أن نهايته ستكون مثل نهاية هذا الحصان العجوز، فقرر أن يتحدى الواقع، ويهرب بالحصان، حتى لا يدركهما معا عقاب الحكومة الرسمى المغلف بالرحمة الوهمية، فيقتل الحصان بالرصاص، ويتم تسمية هذا بـ«رصاصة الرحمة»، ويقتل الشاويش معنويا وماديا، ويتم ركنه مع كل من بلغوا المعاش على الرف، ليتقاضوا جنيهات معدودة لا تسمن ولا تغنى من جوع مع انزوائهم بعيدا عن الاهتمام والرعاية، إنه مشهد لا ينساه كل من شاهد هذا المسلسل العبقرى «الرجل والحصان» بطولة الفنان القدير محمود مرسى، الذى ختم أهم مشهد فى المسلسل بعبارة: كنت عايز استعمال الرأفة فى آخر بند فى القانون يا بيه... هو كل اللى يعجز ينضرب بالنار.. طب ليه؟؟.. ده حتى ما يرضيش ربنا.

فعلا ما يرضيش ربنا، أن نقتل خيلا شاخ بالرصاص بزعم الرحمة بعد أن قضى عمره فى الخدمة الرسمية، ولا أن نقتل معنويا وماديا بشرا شاخوا فى خدمة البلد والمواطنين، وقضوا أهم سنوات عمرهم فى عمل وكفاح وتفانٍ من أجل أسرهم ومن أجل الغير، وحين يكبرون لا يجدون سوى فتات من المال، وتنزوى عنهم كل الرعاية والاهتمام، كما انزوت عنهم كل تفاصيل المراكز والنفوذ والسلطة وحركة الحياة، والعلاقات وغيرها.

أتحدث هنا عن الطبقة الوسطى وما تحتها من المحالين الى المعاش، ويبلغ عددهم أكثر من 4 و9 ملايين شخص، ومن سيلحقون بهم كثر، فسنويا يحال الى المعاش أكثر من مائتى ألف، وأغلب هؤلاء يتقاضون الحد الأدنى للمعاش والذى تم رفعه مؤخرا الى ألف ومائتى جنيه، فيما تتقاضى قلة مبالغ تزيد عن هذا قليلا، يقف ملايين المسنين الذين طالتهم أمراض الشيخوخة طوابيرا أمام البنوك أو شبابيك البريد يوم عشرة من  كل شهر لصرف جنيهاتهم، التى غالبا ما يكونون قدا استدانوا قدرها قبل أيام من استحقاق المعاش.

المعاشات بصفة عامة فى بلدنا مخزية، ومحزنة، رغم الإضافات الأخيرة ومحاولات التحسين والإنعاش، وهى إضافات  ستكلف الدولة 1و28 مليار سنويا، الا أن قيمة المعاش ككل لا تتلاءم أبدا مع احتياجات صاحب المعاش وأسرته وارتفاع الأسعار الجنونى، وهناك  تغريدة مذهلة يتم تداولها على مواقع التواصل، لما يمكن أن ينفقه رب أسرة على نفسه وأسرته المكونة من زوجة وطفلين، وبالورقة والقلم والأرقام، يحتاج على الأقل ثلاثة آلاف وستمائة وخمسين جنيا، هذا إن لم يأكل وأسرته فى يومه سوى الفول والطعمية والجبنة، بلا لحوم أو اسماك أو كسوة، أو مصاريف مدارس ودروس، ودون أن يمرض أحدهم، مع ايجار شقة صغيرة خمسائة جنيه فقط، ستحتاج الأسرة الى المبلغ سالف الذكر.

فأى معجزة سماوية يمكن أن تجعل قيمة المعاش تكفيه وأسرته، وأى منطق يقول ان الإنسان اذا ما بلغ الشيبوبة، يتم إهانته وتجويعه هو وأسرته، لا تكريمه واحترام عطائه طيلة عمره، وعذرا لما سأقوله.. فى سبتمبر الماضى أقر مجلس الشيوخ فى رومانيا قانونا يمنح خيل الحكومة «الحيوانات الخدمية» مثل الكلاب والخيول التى تستخدمها قوات الجيش أو الشرطة، الحق فى الحصول على «معاش» الدولة، أى أنه سيتم الاعتناء بها بعد التقاعد من الخدمة، وتم تحديد مبلغ 300 ليو رومانى (65 يورو) كمبلغ ثابت شهريًا لكل حيوان متقاعد «اليورو بـ19 جنيها»، وأن يتم تغطية هذه الأموال من صندوق الاحتياط الحكومى.

 

وللحديث بقية

[email protected]