رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراجعات

ظاهرة «السيلفي» المنتشرة «بشراهة» حول العالم منذ ما يقارب عقدين من الزمان، باتت أحد أكثر خيارات التصوير تفضيلًا، رغم أنها فى أحايين كثيرة تثير حنق المتابعين، خصوصًا عندما تفتقر إلى الملامح الجمالية المطلوبة فى التصوير، سواء أكان عفويًا أم احترافيًا!

هذه «الموضة» المتشبعة بهوس «السيلفى» تعكس تغيرًا كبيرًا فى مجتمعاتنا «المتخلفة» التى أصبحت تسيطر عليها قشور التكنولوجيا، وهو ما دفع بكثير من خبراء علم النفس والمتخصصين إلى توصيف تلك الظاهرة بأنها «عدوى جنون السيلفي».

إن انتشار ظاهرة «السيلفى» بهذا الهوس الكبير، أوصل جنون عُشَّاقه إلى التقاط الصور فى كل مكان، حتى أصبح «اعتياديًا» مشاهدة الكثيرين فى المناسبات الرسمية وغيرها، وكذلك فى الجنازات ومراسم التأبين، يحرصون على التقاط صور ذاتية، ونشرها عبر منصَّات التواصل الاجتماعي!

ورغم مرور سنوات طويلة على اكتشاف هواية التصوير الذاتى أو ما يسمى بـ«السيلفي»، وانتشارها على نطاق واسع فى العام 2012، إلا أن تلك الظاهرة أصبحت «هوسًا» اجتاح منصَّات التواصل الاجتماعى هذه الأيام، خصوصًا مع بدء تدفق ملايين المسلمين إلى الأراضى المقدسة لأداء مناسك الحج.

لعل أدق توصيف لما نتابعه عبر تلك المنصَّات هو أننا نعيش زمن جنون «السيلفى»، حيث نشاهد صورًا كاريكاتورية موغلة فى الغرابة والدهشة، منذ ارتداء ملابس الإحرام وخلال أداء المناسك، وحتى العودة.. مشاهد تفتقر إلى روحانيات وقداسة الشعائر!

لكن «الهوس» بتلك الظاهرة غير المستحبة أحيانًا يدفع فى كثير من الأوقات إلى مجافاة المشاعر، وإلغاء الخصوصية، أو حتى احترام قدسية وجلال وهَيْبَة بعض المناسبات، التى تتطلب خشوعًا وسكينة، مما قد يتسبب بفقدانها خصوصيتها المطلوبة.

قد يذهب البعض إلى أن صور السيلفى ليست شرًّا كلها، باعتبارها أداة للتواصل النقى الجميل، الذى يأتى فى الغالب الأعم عفويًا، من دون تعقيد أو تكلف، بل أقرب إلى الشيء المبسط، لكن ما نتابعه فى هذه الأيام برأينا يعد من قبيل «التوثيق المستفز»!

ما نشاهده ونتابعه منذ بدء موسم الحج وحتى الآن، أمرًا يدعو إلى الأسى.. غاب الجلال والوقار، وتلاشت القُدسيَّة والهَيْبَة، وانتهت السَّكينة والخشوع، لنرى «افتكاسات» خارجة عن السياق، سواء أكان عبر صور ذاتية أو بثٍ مباشر، لتحقيق «انتصارات» صغيرة بكاميرات الهواتف فى غزوات «السيلفى»!

إذن، عادت من جديد، حمى «السيلفي» بطابعها النرجسى، لتلقى بظلالها على ركن الإسلام الأعظم، الذى باتت شعائره ساحة يتبارى فيها المسلمون، بصورهم وتعليقاتهم، التى لا تخلو من التفاخر أو التباهى عند البعض، ليعبر هؤلاء عن مرض مزمن لا يمكن إيقاف تفشِّيه!

ربما تغيَّر مفهوم القداسة لدى الكثيرين فى العالم الرقمى «الديجيتال» الذى نعيشه، لأنه فى ثقافة «السيلفي» أصبحنا مركزًا لدوران الأرض، وباتت ملايين الصور التى يتم التقاطها فى الحرم المكى وما حوله، رمزًا شخصيًا، ليتحول كل ما هو مقدس إلى تنوع مختلف بحسب الأشخاص والألوان والزوايا والنكهات!

أخيرًا.. نتصور أنه يجب «تطعيم» الحجاج ضد «حمى» التقاط صور «السيلفى»، لمنع انتشار «العدوى» المصاحبة لتلك الممارسات الخاطئة، التى يعتقد المصابون بها أنهم فى أجواء كرنفالية أو سياحية، أكثر منها تعبدية، ولذلك لا نستغرب أن ينشر أحدهم صورة له بملابس الإحرام فى أحد المناسك مكتوب تحتها: «أشعر بالخشوع»!

[email protected]