رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تتمزق قلوب أبناء النوبة حزنا ولوعة وتتضاعف همومهم حينما تصنفهم مراكز البحوث على أنهم من الأقليات ويضعون معايير باطلة في تأكيد انهم يدخلون في قائمة «الأعراق والملل والنحل» وبهذا القياس المهتز يقوم ما يطلقون على انفسهم مفكرين وباحثين بمحاولة تعميق هذا المفهوم الذي يحمل البطلان في جوهره، والإساءة في مظهره.

النوبة بلد السحر والطيبة اصحاب القلوب البيضاء والبشرة السمراء.. بلد النخيل والتاريخ الوطني نجد بين الحين والآخر اصابع غريبة تحت واجهات مختلفة في الفترة الأخيرة تصويرها على أنها جزء ملتهب في جسد مصر والخطر الاستراتيجي على أمنها بل وصل الأمر أنها جزء من آلية خريطة «الشرق الاوسط» التي تجري اعداد خطوطها العريضة.

وليت الأمر اقتصر على طبيعة المكان جغرافياً وثقافياً وتراثياً لدرجة أنهم اعتبروا بلاد النوبة هي القنطرة وأعداء مصر يروجون وقائع تصل لدرجة الاتهام أبناء النوبة أمام ما تعرضوا له من عوامل تهجير من قراهم قسرا نتيجة تعليات خزان أسوان وأخيرا كارثة التهجير العشوائي الجماعي لبناء السد العالي ورغم أن هناك حلولاً هندسية كانت متاحة لتحقيق توافق بين احتياجات مصر اقتصادياً نتيجة لبناء السد و بين استمرار قرى النوبة دون اغراق كما حدث ولا اعرف لماذا تم اهمال تلك الحلول الهندسية التي وقع عليها اساتذة لهم مكانتهم العلمية احساسا منهم بالأخطار التي ستنتج من عملية التهجير التي تعتبر أسوأ كارثة انسانية في القرن العشرين.

 وليس النوبيون مثل «الأكراد» أو غيرهم وبهذه المناسبة فإن واجب الأمانة يقتضي الاشارة الي أول من حذر من إغراق بلاد النوبة هو المرحوم الاستاذ عبد الله خليل رئيس وزراء السودان في أواخر الخمسينات بعد تأميم القناة ووصفته الميديا المصرية وقتها بأنه مدفوع من الدول الاستعمارية الذين تعرضت مصر لعدوانهم الثلاثي لكن الميديا لم تذكر أن الرجل لم يكن يحكمه أي غرض إلا أنه أصلا من جذور نوبية وقيل لي انه بكى وهو يعلن تحذيره بل ان الاتهام وصل لدرجة اتهامه بالعمالة للقضاء على الوحدة الوليدة بين مصر وسوريا وقتها رغم ان الرجل لم ينظر الي الامر من هذا البعد.. لكنه كانت تحركه عاطفة جذوره ونخيل النوبة.. ورفات الأجداد.

وأستطيع أن أقول إن كل ماظهر من اهتمام من تلك المراكز هو اهتمام مشبوه حيث بلغ هذا التشخيص المريض أن أبناء النوبة يريدون الانفصال، وقد نال ابناء النوبة المثقفون من هذا (الحب جانب) فالبعض بالباطل تارة يقول انهم يعقدون ندوات سرية لتعليم اللغة النوبية المتوارثة وكان هذا عاراً يرتكبه أبناء النوبة.. بل العار الأكبر أن هذه المراكز التي ترتدي ملابس الشر في صورة الروب الجامعي تجاهلهم واقعة خطيرة ان هذه اللغة هي واحدة من السلاح الذي استخدمته القوات المسلحة في نصر اكتوبر 1973 حيث استخدمتها بديلا عن الشفرة التي يمكن حلها.. وقد فوجئت المخابرات المركزية والموساد بأن القوات تستخدم لغة في التحرك لا يعرفون قواعدها واكتشفوا بعد الحرب أنها اللغة النوبية وكانت واحدة من خطط العمليات الاستراتيجية التي حققت قواتنا المسلحة النصر العزيز الغالي.. فهل هؤلاء المواطنون دعاة انفصال!

هل المبادرة التي قام بها أبناء في المناطق التي تم التهجير إليها في القاهرة والاسكندرية ومدن القناة منذ عشرات العقود وسرعة اندماجهم بالمجتمعات عن طريق فكر بناء.. تعبر عن توجه للانفصال؟ فهم من اوائل الذين أسسوا جمعيات وأندية غير حكومية تصل إلي حوالي 42 نادياً ساهمت في نشر الثقافة وكانت مركزاً للعلماء والمفكرين والقيادات وإذا عدنا إلي سجلات النادي النوبي العام بالاسكندرية فقط كان يرتاده رؤساء الوزراء وعلى رأسهم ممدوح سالم وفؤاد محيي الدين وأحمد نظيف والوزراء محمد حامد محمود والدكتور على الدين هلال وعبدالمنعم عمارة الذي تربى في هذا النادي منذ أن كان مهاجرا في الاسكندرية قبل سطوع نجمه السياسي وجميع محافظي الاسكندرية.