عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الهدهد

حاول أن تتخيل.. مجرد تخيل.. أن تضع نفسك مكانهم.. حتى ولو علي حساب قلبك وعقلك.. حتما لن تحتمل.

كرر المحاولة مرة واتنتين وثلاثا.. حدث نفسك انها مجرد تخيل ــ لا قدر الله ــ والتخيل عادة لا يستغرق أقل من دقيقة ولكنك فى كل مرة.. ستنهار عصبياً ونفسياً، وستغضب وتتساءل كيف لي أن اشرد بذهني ولو فيتو ثانية لأري ابني أو بنتي بعد أن وصل عمره 18 عاماً.. لم افارقه لحظة.. أحزانه افراحه.. أسراره.. ألعابه.. أقرانه.. أخيراً يجتاز امتحانات الثانوية العامة.. بعد صراع طويل من دمار الأعصاب والرهبة والخوف.. ومليارات الدعوات والصلوات.. ليتوج الله تعب وسهر الليالي وأيام الامتحانات بحصوله على أعلي الدرجات، وبمجموع يصل لــ98٪.. تصل فرحتنا معا لعنان السماء.

أحضان وبكاء وزغاريد تهانٍ من القلب من كل حدب وصوب.. وبعد ساعات قليلة من الفرحة وقبل أن يملأ  بخط يده رغباته فى استمارة تنسيق الجامعات.. يختاره الله ليكمل ما تبقي له من عمر بجواره.. اااااه.. «اللهم لا اعتراض. اللهم لا اعتراض».. «فال الله ولا فالك».

ما لم نستطع تخيله انا وانت بكل ما أوتينا من قوة كان حقيقياً وواقعياً لثلاث من أسرة طلاب الثانوية العامة هذا العام.

كان الله فى عون الست أم محمود الحاصل على ٩٨ % في الثانوية الأزهرية ذهب مع أولاد عمه للاحتفال بتفوقه فى مدينة فايد بالإسماعيلية فلقى مصرعه غرقا فى البحر.

وقلبي مع والد نيرة.. كان كل أمله أن تعرف ابنته بتفوقها علي مدرستها، بمجموع 98.5٪، ولكن مشيئة الله أرادت أن تلقي ربها دون أن تعرف مجموعها.

قبل إعلان نتيجة الثانوية العامة بيومين، دخلت نيرة فى غيبوبة، ولما عرف والدها أنها حصلت على هذا المجموع وأنها ستلتحق بكلية الطب، طلب من الأطباء إبلاغها بالخبر، ليساعد على علاجها، لكن ظلت فى الغيبوبة إلى أن توفيت فى اليوم الثانى لظهور النتيجة.

وأدعو لأسرة الطالب أحمد أبو الوفا 98% أن يربط علي قلوبهم بعد أن لقي مصرعه في تصادم بين سيارتي ميكروباص بطريق أسيوط - القاهرة الزراعى.

.. مهما سطرت واستخدمت أسمي المعاني وأرق الكلمات وأعذب المواساة فلن تساوي شيئاً أمام قهر الآباء وتمزيق قلوب أمهات إربا حزناً وغما علي فراق اغلي الناس.. أعز الناس.

.. لا نعترض علي حكمة الله ولا علي قضائه.. ولكن مؤكد أن هناك دروسا وعبرا مستفادة.. يجب أن نتوقف أمامها.. أولها:

تحصين أولادنا من الحسد والعين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «العين تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر».

ثانياً.. حكمة الله لها ستار لا يكشف لنا الي يوم نلقاه، ولكن قد يتجلي لنا فيما بعد.. فما نعتبره حزنا وألما وفراقا، نجده عند الله هو أعظم خيراً وأجراً.. فلا تحزن علي ما فاتك ولا تفرح بما أتاك..

الهدهد.. يكتب رسالة تهنئة وتقدير وامتنان من الحياة الدنيا لعالم الآخرة يختص بها محمود وأحمد ونيرة:

لن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. كنتم خيرة الطلاب وأفضلهم، تفوقتم واجتزتم أخطر مرحلة فى سنوات العمر.. ومن أجل ذلك اختاركم الله لتلتحقوا بأعظم من كليات الطب والهندسة والصيدلة، وأنبل من البعثات الخارجية، وأشرف من الوصول لأعلي المناصب.. إنها الجنة.. عرضها كعرض السماوات والأرض.. ستلتقون بالرسل والصديقين والأبرار.

ستشربون من يد الرسول شربة لا تظمأون بعدها أبداً.. ألف رحمة ونور عليكم.. وألهم ذويكم الصبر والسلوان.

[email protected]