رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عبارة «بنتعلم بفلوسنا» أصبحت سائدة بين الشباب والجيل الجديد على اعتبار أن التعليم والعلم والتربية والتنشئة والمعلومة والمهارة يجب أن تقدم للإنسان ببلاش, أى دون مقابل فهل نسأل أنفسنا كيف ربينا أبناءنا على هذا المفهوم وهذا المنطق المعوج ؟ وهل عندما يذهب أحد (مريض) إلى الطبيب لا يدفع ثمن زيارة وعلم وروشتة الطبيب ثم يدفع ثمن علم و دراسة و صناعة الدواء وفى النهاية يكون الشافى المعافى هو الله ... وهل عندما يريد الإنسان الطعام لا يذهب إلى محل لشراء مستلزماته اليومية ويدفع مقابلها أموالاً كل وفق إمكانياته .. وهل لستر الجسد لا يدفع الإنسان أموالاً لشراء ما يستر به جسده, ويتباهى به أمام الناس, وهل إذا أراد المرء أن يتمتع ويترفه فإنه يدفع مقابل الترفيه والقراءة والاستماع والاستمتاع فى المسرح والسينما واليوم فى الفضائيات والاشتراكات على النت وعلى القنوات المشفرة للرياضة والأفلام وغيرها, هذا غير الصحف والمجلات والكتب.

أما إذاا أراد المرء الانتقال من مكان إلى آخر فإنه يدفع ثمن عربة وبنزين وإصلاح وصيانة وتأمين وقد يكون سائقًا أو ثمن اشتراك فى مترو أو عربة عمل أو ميكروباص أو حتى توك توك ما بالك بأن الإنسان يدفع عمره وشقاءه فى شقة أو بيت أو غرفة تحميه من أن يكون مشرداً فى الشارع أو ضيفاً ثقيلاً على آخرين.

إذن منطقية الأشياء أن كل ما يستلزم الحياة يدفع المرء ثمنه ومقابله حتى الحب يدفع الإنسان مقابلًا له حتى يحصل عليه فى صورة الحلال والشرع والقانون فإذا أحب الإنسان عليه أن يدفع مهرًا وشبكة وشقة وفرحًا والتزامات مالية ومادية من الطرفين ليصل إلى بر الأمان وحين يأتى الأطفال يدفع مصروفات مستشفى وولادة وأدوية وملابس ثم حضانة ومدارس وجامعة.. ليستمر العطاء الإنسانى فى أروع صوره فالجميع يدفع مقابل الاحتياجات والرغبات الأساسيات حتى المشاعر ندفع ثمناً لاستكمالها.. فكيف بالتعليم والعلم الذى يفرق بين إنسان وآخر, والذى دونه تتوقف حركة الحضارة والتقدم والرقى الإنسانى والمجتمعي, لكن للأسف الإعلام والعديد من الأعمال الفنية رسخت فى عقول الأبناء أن التعليم بالمال وأن الطالب طالما يدفع فإنه هو السيد وهو الأستاذ, وأن لا فضلَ لأحدٍ عليه وأن من علمه حرفاً وعلماً وفكراً ومنحه شهادة تؤهله للعمل وللتقدم ليس إلا موظفاً لديه قد تقاضى أجره نظير العمل وأن قدسية مهنة التدريس قد ذهبت أدراج الرياح لأن المدرس قد أعطى دروساً خصوصية ومجموعات وعمل من أجل أن يوفر لنفسه حياة جيدة فإذا به يعاقب على علمه وفكره وجهده وينسى الأبناء والآباء أن التعليم والتربية صنوان لا يفترقان وأن الأستاذ قدوة وأن ما ينفقه من علم وجهد وخبرة ودراسة لا يقدر بالمال ولا يقدر بأى ماديات لأن الراقصات يحصلن على آلاف الأضعاف مقارنة بما يحصل عليه الأستاذ وعملهن يعتمد على الجسد والحركة والإثارة والإبهار وقليل من الفن الحقيقي...التعليم فى أزمة كبرى لأننا لم نلتفت إلى التربية والتقويم والإصلاح لبناء الإنسان والطالب وتنمية روح الانتماء والتقدير وحق الأستاذية ومكانة المعلم فأصبح من حق الطالب أن يتجاوز ويتطاول على أساتذته ومن حق الأهل رفع قضايا ومعاقبة الأستاذ مع التأكيد على أن ليس كل المعلمين والأساتذة أبرياء لكن الحسنة تعم والسيئة تخص وهذا هو المبدأ الأرسطى الأفلاطونى الاجتماعي.

العلم لا يقدر بمال والحرف لا يثمن بكنوز الدنيا ومال قارون .. ومن علمنى حرفاً صرت له عبداً .... وقف للمعلم وفهِ التبجيلَ... كاد المعلم أن يكون رسولاً.. أعيدوا بناء وتربية هذا الجيل قبل أن تذهب أمتنا.