رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

«يا فرحة ما تمت».. لسان حال عشرات الآلاف من الطلبة وأولياء أمورهم، منذ إعلان نتائج الثانوية العامة قبل أسبوع، وبدء «مقصلة» التنسيق بمراحله المختلفة، الأمر الذي وضع الجميع في «ورطة»، خصوصًا بعد حصول حوالي 55 ألفًا على «مجاميع» فوق الـ95%!

أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع نِسب النجاح غير المسبوقة أو «المجاميع الأسطورية».. وفات الجميع مشكلة ارتفاع الحدود الدنيا للقبول، وأن المعدلات المرتفعة لم تعد سببًا كافيًا لالتحاق الطلبة بما يسمى «كليات القمة»، لتلك الأعداد الغفيرة من «المتفوقين»!

الإحباط غير المسبوق أصبح سيد الموقف، سواء أكان للطلبة أو أولياء أمورهم، منذ لحظة إعلان النتيجة وخلال مرحلة التنسيق الأولى.. طلبة متفوقون بالآلاف وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها أشبه بمن «رقصوا على السلالم»!

طلبة «العلمي»، ممن حصلوا على مجموع 97.6%، تبخَّرت أحلامهم في الالتحاق بواحدة من «كليات القمة» بالجامعات الحكومية، ما جعل أولياء الأمور قبل الطلبة في مهب الريح، ولقمة سائغة للجامعات الخاصة لنهش جيوبهم المهترئة!

المفارقة أن مثل هذه المعدلات «المرتفعة للغاية» ـ التي تجعلنا نَصِف الحاصل عليها بالعبقري ـ اتضح أنها «منخفضة جدًا»، ولا تؤهل للالتحاق بالكليات الطبية.. حتى «الطب البيطري» التي عُرِف عنها أن «ذيول» المتفوقين يلتحقون بها للحصول على لقب «دكتور»، حُرموا منها لضعف المجموع!!

نتصور أن معدلات التنسيق الحالية خيَّبت آمال الكثيرين، ليجد من حلم بواحدة من كليات القمة، وخارت قوى والديه في دوامة الدروس الخصوصية، نفسه جالسًا جنبًا إلى جنب مع زميل آخر في أحد مدرجات كليات العلوم، أو التجارة، أو الآداب، أو الزراعة!

وبالحديث عن «سراب» التظلمات، فالهدف واضح، وهو تحصيل رسوم باهظة عن كل مادة، الأمر الذي يزيد أعباء أولياء الأمور.. ولذلك يمكننا القول ـ بكل أسف ـ الجميع يدرك جيدًا أن التظلمات لم تغير مصير أحد!

إن ارتفاع «المجاميع» على هذا النحو المخيف، ليس سوى نجاح مخادع لا يعكس حالة التعليم المتردية في مصر.. وإلا كيف نفسر تخرج عشرات الآلاف من طلبة الثانوية «المتفوقين والنوابغ» كل عام، في دولة تحتل ذيل القائمة الدولية في جودة التعليم؟!

الآن.. بدأت «مغامرات» الطلبة «المتفوقين» من «معدومي الحظ» وأولياء أمورهم الكادحين، في «أدغال» الجامعات الخاصة، بحثًا عن توفير مقعد «شاغر» في إحدى الكليات، بعد مفاجآت التنسيق «غير السَّارة»!

ورغم أن معظم الجامعات الخاصة، أصبحت كارثة مجتمعية كبرى، في ظل تدني المستوى، ومردودها الضعيف، مقارنة بتكاليفها المرتفعة، لتتحول في ظل غياب الرقابة الصارمة إلى ابتزاز واضح، ما يجعل لسان هؤلاء «المطرودين من جنة التنسيق» يقولون: «ما باليد حيلة»!!

التعليم في مصر أصبح ـ للأسف ـ حقول تجارب، لمنظومة مهترئة و«راسبة» بامتياز، ولا أمل يرتجى إلا بضرورة وضع نظام جديد «عادل» للثانوية العامة، أسوة بكل دول العالم، بدلًا من زيادة أعباء الأسر البسيطة المنهكة في الغلاء والفقر.. والدروس الخصوصية!

نتصور أنه يجب بدء تغيير حقيقي وشامل للمنظومة التعليمية، من خلال وضع استراتيجية واقعية، تتضمن مواكبة احتياجات سوق العمل، وتطوير المناهج والبنية التحتية، وتحسين أحوال المعلمين، ومضاعفة ميزانية التعليم.

أخيرًا.. يجب تغيير نظرتنا للتعليم، باعتباره قضية أمن قومي ـ بكل ما تحمله الكلمة من معنى ـ حتى يكون لدينا تعليم حقيقي قادر على المنافسة عالميًا، حتى نضمن مستقبلًا واعدًا لوطننا وأبنائنا.

[email protected]