فى الموضوع
رجل يفصل رأس زوجته لشكه فى سلوكها .. و آخر يطعن والده حتى الموت .. و ثالث يقتل شقيقه من أجل الميراث .. و رابع يقتل والدته و يذهب للصلاة .. و خامس .. و سادس .. و غيرهم ، و تأتى جريمة المدرس الأزهرى بالفيوم ، الذى قتل زوجته و أولاده الأربعة ( خوفا من قتلهم ) بيد شركائه فى سرقة الأثار، لتفتح ملف الجرائم الأسرية فى مصر، و التى باتت قنبلة موقوتة تهدد كيان الأسرة المصرية.
و قبل ان يتهاون احدكم واصفا ما يحدث من جرائم بأنها سلوكيات فردية ولا ترقى لظاهرة عامة ، عليه ان يتابع صفحات الحوادث بالصحف او مواقع التواصل الاجتماعى خلال فترة بعينها ، حتى يقف على كم هذه الجرائم ، و مدى وحشية ارتكابها .
ورغم ان احصائيات الأمن العام السنوية ، لهذه الجرائم و غيرها لم تعد تنشر أو تقع تحت عين الإعلام ، و لا ندرى لماذا تم حجبها ؟، لكن ذلك لا يقلل من خطورتها او يغض الطرف عن الوقوف على اسبابها ، و بحث دوافعها للحد منها بشتى وسائل العلاج .
و الارقام تقول ان 92% من جرائم القتل التى تقع فى المحيط الأسرى ترتكب بدافع الشرف ، وتعود النسبة الباقية إلى الظروف المحيطة بكل جريمة بدوافع اجتماعية أو ثأرية أو اقتصادية أو نفسية .
صحيح ان معظم تلك الجرائم تقع فى غيبة الضمير ، و عدم القدرة على تحمل الأخرين ، و الاستسلام لوساوس الشيطان ، لكننا لا يجب ان ننكر أسبابا اخرى مساعدة على إرتكابها من غياب للتوعية الدينية و السطحية الإعلامية فضلا عن الإدمان و المخدرات التى تقود إلى التوتر و سرعة الانفعال الأمر الذى يدفع لارتكاب الجريمة .
و يبقى الفقر و الجهل من اهم الأسباب ، فكلما ازدادت نسبتهما قفزت معدلات الجريمة خاصة فى العشوائيات و المناطق المحرومة من الرعاية ، و بنفس القدر أيضا ساهم التطور التكنولوجى و انتشار الميديا الإلكترونية فى خلق أسباب أخرى فى انتشار الجريمة من شك و خيانة .
و اذا كانت تلك هى الأسباب .. فماذا عن علاجها ؟ الأجابة بوضوح تنحصر فى توعية دينية مكثفة بلغة عصرية حديثة و حوار قريب من الشباب حتى يتم توعيته باقتناع بدلا من الترهيب و الترغيب بين الجنة و النار .
و يدعم ذلك خطاب إعلامي هادف يرتقى بالعقول و لا يخاطب الغرائز ، أو يثير الشهوات عبر برامج تفاهة و افلام هابطة جعلت من « عبده موته »
نموذجا و قدوة للعديد من الشباب الذى استسهل إراقة الدم و اعتاد رائحته .
وفى الإطار ذاته قصور ثقافية و مراكز شبابية تضيء العقول و تقوى الأبدان فتستهلك طاقات الشباب بعيدا عن الجريمة و الإدمان.
و تأتى قبل ذلك كله مؤساستنا البحثية و على رأسها المركز القومى للبحوث الاجتماعية و الجنائية الذى يجب ان يدفع بخبرائه و باحثيه بين صفوف الأسر المصرية للوقوف على اسباب هذه الجرائم و علاجها خاصة و انه ينفرد بمعهد خاص لمشاكل الاسرة .
لذلك ليس كل من قتل او ذبح او اشعل نارا او اطلق رصاصا مجرمين بطبعهم او جناة بمفردهم ، فنحن معهم شركاء من اعلام و مسجد و جامعة و مركز بحثى و قانون لا يجد طريقه للتطبيق !
لذلك لا ابالغ حين أقول كلنا جناة !