رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

من يستحق لقب فخر العرب – محمد صلاح المصرى أم رياض محرز الجزائرى؟ سؤال انشغل به المصريون بعد أن سقط من ذاكرتهم بسرعة البرق قضية ضرورة محاسبة أعضاء اتحاد الكرة المسئول عن الخروج المبكر والمهين للمنتخب.. المتأمل للمشهد العام وما ينشغل به المصريون تصيبه الدهشة والحسرة على حالة الوعى العام التى وصلت للحضيض.. يشعر بالحسرة والألم على فقر الثقافة العامة فى أوساط المصريين بمختلف مستويات تعليمهم وأوضاعهم الاجتماعية.. لقد اقتربت فعليا من قناعة بأن المصريين لا يعانون من فقر الحال ومحدودية الدخول وارتفاع الأسعار المفلوت.. لا يمكن أن ينشغل شعب تحاصره مشاكل طاحنة بترف من يستحق لقب فخر العرب – صلاح أم محرز.. السؤال غير منطقى لأن العرب كحالة سياسية واقتصادية وثقافية وعصرية ليس لديهم ومن صنعهم ما يفخرون به، وكل من صلاح ومحرز هما فخر لنفسيهما.. كل منهما قصة طموح وقدرة على التكيف مع ثقافة جديدة، وقدرة على اختراق أهم دورى فى العالم وهو الدورى الانجليزى وإجبار مدربيهما على احترام موهبة كل منهما.. صلاح ومحرز هتفت لهما الجماهير الانجليزية وأفردت لهما الصحافة العالمية صدر صفحاتها ليس لأنهما عرب ولكن لأن كلا منهما نجح بقيم الغرب وبثقافة الغرب وباحترام قواعد الاحتراف العالمية.. موهبة صلاح ومحرز كان مقدرا لها أن تموت لو بقيت حبيسة منظومات التخلف والفساد فى بلديهما.. ولو نعود بالذاكرة قليلا للوراء فسنجد نجوم كرة مصريين وجزائريين وتوانسة ومغاربة أكثر مهارة وموهبة من صلاح ومحرز ولكن أحدا من هؤلاء لم يخض تجربة هذين النجمين العربيين اللذين قفزا إلى قائمة أهم عشرة لاعبين فى العالم وحتى الآن يصنف محمد صلاح كواحد من أهم وأغلى خمسة لاعبين فى العالم.. انتهت نجومية لاعبين أكثر مهارة من صلاح ومحرز لأن الظروف السائدة فى بلاد العرب ظروف مناسبة لموت الموهبة وليس تطورها وانتشارها المدوى.. القضية يا سادة ليست قضية من يستحق لقب فخر العرب..لو لعب صلاح ومحرز فى أى بلد أوروبى لن تتوقف الجماهير هناك أمام جنسية هذا أو ذاك.. هذه المجتمعات يعنيها التجربة الناجحة.. يعنيها اللاعب الفذ.. يعنيها احترام قيم العمل والمواطنة والوقت والمساواة والعدل والكرامة الانسانية.. المجتمعات العربية المعاصرة بلا استثناء أكثر تعقيدا وجمودا من قبائل العرب التى كتب عن عصبياتهم ابن خلدون من أكثر من ثمانية قرون.. العصبية لا تعرف الا العقول الفارغة والمجتمعات التى يتحكم بفكرها وعواطفها التدين الكاذب وروح التمييز وعدم التسامح وتجاهل قضاياها المصيرية والانشغال ببطولات ليست من صنعها، ولا نتاج مؤسساتها الفاسدة.. وبمناسبة موسم نتائج الثانوية العامة لم يسأل أحد نفسه أين هم الآن أوائل الثانوية العامة خلال العشرين عاما الماضية.. كم عالمًا فذًا ومفكرًا عظيمًا تصدر حياتنا من كتائب الأوائل.. للأسف حصيلة هذا التفوق بائسة لأنه تفوق خادع تحت مظلة نظام تعليمى متخلف.. أديسون وأينشتاين وزويل لم يكن بينهم من كان طالبا نابغا ولكنهم وغيرهم من الأفذاذ قدر لهم أن يعيشوا فى بيئة علمية وثقافية وسياسية صالحة لتفتح مسام النبوغ والتفوق وليس موتها.. نجيب محفوظ كان طالبا متواضعا درس الفلسفة ولم نعترف نحن ونقر بعالميته الا بعد تتويج عبقريته بجائزة نوبل فى الآداب.. ومن مساخر القدر أن ظهر من بيننا من حاول مكافأته بالقتل رغم أن أحدا من قتلة الفكر تحت راية الجهاد لم يفكر يوما بأن الأولى بالجهاد هو الفساد والتخلف.. مصيبتنا من قرون طويلة كمجتمعات – إننا من طول عهدنا بالكذب وتزييف الواقع والجهل بالحقوق الأساسية تحولت الحقيقة فى حياتنا إلى كذب والكذب إلى واقع لا نستطيع العيش خارج أسواره.. كارثة أى مجتمع أن يكره الحقيقة العارية المجردة ويخجل منها ويتنفس فقط الكذب المستور.. الستر عندنا ألا تنفضح حقيقتنا المخزية أمام أنفسنا وأمام غيرنا.. الستر عندنا فى دوام الوهم واستمرار أسماء مشبوهة تجاهر بقبحها دون حساب وبكوارثها دون مراجعة.. مشكلتنا ليست فى من هو فخر العرب – صلاح أم محرز.. الأهم من ذلك أن نتساءل–لماذا لم تنجب ما يسمى بأمة العرب حتى اللحظة ألف صلاح ومحرز وطهطاوى وكواكبى وزويل ومحفوظ والحكيم وطه حسين والطيب صالح وجمال حمدان وأم كلثوم وفيروز وحليم وفاتن.. ببساطة لأن الغلبة لا تزال لصالح ثقافة الجبلاية..