رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

«نفسك تطلع ايه يا حبيبى» وقبل ان يجيب الطفل ببراءة، تنبرى الأم أو الأب ليهتف أى منهما: دكتور أو مهندس، فيردد الطفل كالببغاء ما يسمعه من والديه، للأسف تربينا كأجيال منذ أيام الأبيض والأسود وحتى الآن على عقدة اسمها «كليات القمة» طب.. هندسة، ويليهما فى الترتيب شرطة، حربية.

وقبل أن استرسل، أقدم التهنئة لكل من عبروا هذا العام فى حرب العمر.. حرب المصير، ألا وهى الثانوية العامة، عقدة العقد وسنة السنوات وتعب المتاعب، مبروك لكل من نجحوا فى الثانوية العامة، وأختص بالتهنئة الآباء والأمهات، لأنهم تعبوا مثل أولادهم أو أكثر فى تلك السنة المعجزة، الآباء تعبوا سهرا.. قلقا، ونكدا، وفرضا دائما لحالة الطوارئ فى البيت، وقبل وبعد كل هذا أنفقوا أموالا لا طاقة لهم بها على دروس وسناتر، وتوصيل رايح جاى، وقلق فى انتظار عودتهم من الدروس أو المذاكرة مع أصحابهم، ناهيك عن حالة التمييز والعنصرية التى يختص بها الآباء «الكائن الثانوى» دونا عن إخوته حتى يذاكر ويتقن ويبدع وينجح، ويحقق العبور الأخير، والكائن الثانوى تجد له صورة متميزة تميزه عن سائر الخلق، الطالب يطلق لحيته، ويهمل نفسه ومظهره خاصة قبيل الامتحانات ليتقمص دور الكائن الثانوى «الدحيح»، اما غرفته، فتتحول إلى مقلب اوراق ومراجع وغيرها، البنت تنكش شعرها، تتحول إلى صورة عشوائية فوضوية، وكذلك غرفتها، لتعطى انطباع «الدحيحة».

رصدت عن قرب من زملائى فى الجريدة حياتهم المرصودة المقصورة المتمحورة على «الكائن الثانوى» المتعملق لديهم، الزميلة الغالية والصديقة نادية صبحى، هشام الهلوتى، محمود غلاب، وصلاح صيام، ومحمود شاكر، نهلة النمر وخالد ادريس، وغيرهم، واستعدت بعد ان كنت نسيت أو تناسيت ما عانيته مع أولادى فى سنوات الثانوية العامة مع فارق أن أولادى كانوا «اى جى» نظام بريطانى.. وهو نظام مكلف أكثر لكنه ارحم فى عدد المواد وتقسيمة الامتحانات، وأسلوب الدراسة.

للأسف الثانوية العامة رسخت بداخل كل أسرة مصرية عقدة هائلة وخوفا وقلقا وأموالا تدخر لأجلها، لأنها جسر العبور للمستقبل، إلى كلية يكون فيها الطالب أو لا يكون، للأسف لم يتم علاج أو تخفيف هذه العقدة مهما تغيرت الوزارات، ومهما تغير النظام، أو تم التعديل والتغيير والتبديل والتأخير ودمج السنوات والفصل و«البكلته» اشتقاقا من «بوكليت».

أخيرًا نجح الأبناء والبنات من الكائنات «الثانوية» هذا العام، مبروك لزملائى ولكل من نجحوا فى مصر، وحظ أفضل لمن خانهم الحظ، والقادم سيكون أفضل لهم بإذن الله، وأعود هنا إلى عقدتنا، عقدة كلية القمة التى يزرعها الآباء فى نفوسهم ابنائهم الطلاب، والتى يدفع إليها الآباء أبناءهم دفعا، كل أب وأم يضعان نصب أعينهما كلية طب أو هندسة للابن أو الابنة، والويل ان لم يحقق الأبناء الدرجات التى تؤهله لكلية القمة، ومن هنا نسمع للأسف عن طلاب ينتحرون لعدم حصولهم على درجات تؤهلهم لهذه الكليات، أو ينتحرون لرسوبهم، بعد أن انزرعت بداخلهم عقدة بشعة، بأن رسوبهم فى الثانوية هو نهاية العالم، ودمار للأسرة وضياع لأموالها المنفقة على الدروس، ولا أمل آخر فى الحياة، وهى كارثة تربوية واجتماعية يجب أن تتغير لدى الأسر، الحياة نجاح وفشل، وبديهى ان نمر بالفشل لنسعى للنجاح، والفشل ليس نهاية العالم، الإنسان القوى يتعلم من فشله وأخطائه ويواصل حياته، ومن هنا الوم الآباء والأمهات الذين يزرعون اليأس والخوف فى نفوس أبنائهم الطلاب، إما النجاح، إما كليات القمة، واما اليأس والموت والنكد الأزلى.

.. وللحديث بقية

 

[email protected]