رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

تبقى أهم مميزات حزب الوفد التى لا ينافسه فيها أحد، تاريخه النضالى الطويل، وكفاحه، وتراثه الضارب، فى جذور الأرض المصرية، منذ مائة عام، لا تكفى أبدًا، لكى نتدارس تاريخ هذا الحزب، الذى نشأ ليبقى، وعاش ليعطى المثل للأجيال، التى تريد معرفة معنى الانتماء، والإخلاص للفكرة.

أما عن الفكرة التى ولدت مع ظهور الوفد عام 1918 لا يمكن لها أن تتكرر، كانت صعبة للغاية، ظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى فى التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة الوطنية المصرية الجامعة، هذا الحزب اسمه «حزب الوفد» الذى أسسه سعد، وحرص الوفديون عليه، إلى اليوم.

ولذلك، فإننى أقول، دائماً، إن الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، ورأيى هذا ليس فيه مصادرة على التاريخ، ولكنه رأي مرتبط بالواقع، الذى يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد، ولذلك فشلت محاولة الدكتور محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، الذى حاول تأسيس حزب سياسى جديد،  يحمل أفكار حزب الوفد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل حاول تأسيسه بنفس التركيبة، التى اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول فى عام 1918، فقد حاول البرادعى استنساخ الفكرة والتركيبة البشرية، التى تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعى، عرفوا أن هناك أصلًا وفرعًا، ولذلك ارتفعت عضويات الشباب فى حزب الوفد عقب ثورة يناير،  بأعداد لم تحدث منذ سنوات طويلة.

من أهم مميزات ثورة 1919 أنها صححت الأخطاء التى وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتى قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبى فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية، وهى الثورة التى تكاتف فيها المسلم والمسيحى معاً لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية، فقط، إلى فريضة وطنية أيضاً، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.

وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتان «حميدة خليل» و«شفيقة محمد». وفى عام 1920 تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعراوى رئيساً لها.. وكان هذا إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير.

وسيبقى سعد زغلول قائد ثورة 19 قائداً وزعيماً لا يتكرر، فهو الرجل الذى قال عندما أصبح حاكماً منتخباً جملة لا تٌنسى، فقد أطلق المقولة الشهيرة: «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة» فكانت أسلوب عمل التزمت به حكومات الوفد التى انحازت للشعب.. زعيم الأمة قيادة نادرة.. تمكن من تعليم الشباب كيف يثورون على الظلم والطغيان.. وكيف يقولون للحاكم نحن أصحاب البلد.

أما مصطفى النحاس باشا ،فقد قضى عمره يدافع عن الوطن وقضيته الوطنية من خلال الوفد الحزب العريق الذى عشقه مثل روحه مستعينًا بالله.. متمسكًا بثوابته التى لا تختلف عن ثوابت كل المصريين الذين كانوا يعملون نهارًا من أجل لقمة العيش ويناضلون ظهرًا ضد الاحتلال ويزورون أولياء الله الصالحين تبركًا بهم فى مواجهة الظالمين والفاسدين ويمسكون بأيدى إخوانهم المصريين بغض النظر عن دينهم لصناعة عروة وثقى تحميهم من الطغيان والتشتت والانحدار.. كانت هكذا مصر وكان مثلها النحاس.. الذى كانت حياته مثل وفاته.. فقد عاش حياته زعيمًا مناضلًا يقاوم الاحتلال ولا يسعى إلى الحكم.. بل كان الحكم هو الذى يأتى أمامه وتحت قدميه.. ومات - أيضًا - زعيمًا بعد أن خرج الناس من بيوتهم ينتحبون ويبكون رحيله.. فقد كانت جنازة مصطفى النحاس هى الدليل الأهم والأكبر على زعامته.. كانت مهيبة.. حاشدة.. فى عز مجد جمال عبدالناصر الذى صدمته هذه الحشود التى خرجت لتشييع رجل كان يعتقد أن سيرته قد ماتت قبل وفاته بثلاثة عشر عامًا قضاها تحت الإقامة الجبرية.. وكانت الصدمة الكبرى التى واجهها عبدالناصر هى الهتاف الرئيسى لمئات الآلاف الذين قالوا فى الجنازة «لا زعيم بعدك يا نحاس».

ولأن سيرة «النحاس»، كانت وستظل سيرة طاهرة، كانت مسيرته تعكس هذه النظافة فى القول والفعل والعمل، ولأنه رجل طيب القلب صادق الكلمة صدقه الناس حتى بعد وفاته بأكثر من خمسين عاماً!! مصطفى النحاس الذى حكم مصر ست مرات غير متعاقبة، وكان رئيسًا للوزراء قادمًا من بين الجماهير، كرهًا لرغبة الملك، ورغم أنف الإنجليز، عاشت سيرته، لأنه تمسك بمبادئه، ولم يتراجع عنها أبدأ!!

وهكذا الوفد.. سيظل يعيش لمئات الأعوام الأخرى.. لأنه حزب قائم على مبادىء لا مصالح.. وسيبقى الوفديون سياج حماية له من كل محاولات اختراقه.. فالوفد كبير ونادر ولا يتكرر.

[email protected]