عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

على أبواب أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، تكثف ظهور قادة جماعة الإخوان فى البرامج الفضائية الحوارية، وتسيد وجودهم الطاغى فى المجال العام، وقل أن تجد موضوعا مطروحا للحوار آنذاك، دون ان يشمل محاورا إخوانيا، أو نصيرا مدنيا يلوك حججهم ويروج لخطابهم المخادع الذى يشيع أن الجماعة قد تغيرت، وأنها باتت تؤمن بالأساليب الديمقراطية، بعد أن كانت قد وصمت الديمقراطية بأنها أداة مستوردة من بدع الغرب الملحد و الكافر.

وفى واحد من تلك البرامج قال أحد قادة الجماعة، إن الشعب المصرى كله إخوان، واستدل على ذلك بانتشار ظاهرة ارتداء الحجاب فى أنحاء مصر. ولم يشأ أى من مقدمى تلك البرامج، التى استندت إليها الجماعة فى مخاطبة المصوتين من العوام ممن لا يقرأون ولا يكتبون، للترويج لمرشحها على مقعد الرئاسة، لفت الانتباه إلى أن تلك ظاهرة اجتماعية لا علاقة لها بالأيدولوجيا الدينية والسياسية، وأنها لم تكن تملك ذلك الحضور الكثيف، قبل الظهور الهائل للفصائل السلفية بدعم من جماعة الإخوان، فى المشهد السياسى، مسلحة بأموال طائلة، لا مصدر قانونيا معلوما لها، ومدعمة بمنصات إعلامية يمتلكونها، وأخرى يوظفونها لحسابهم، ومستخدمة تحجب النساء كشعار سياسى يمهد لدعوتهم لإقامة الدولة الدينية، التى لا يملون من التبشير بها، ويدعم به مشاريعهم الاستثمارية العملاقة فى مجال ملابس المحجبات!

لم يكن هذا هو الحال فى مصر وحدها، بل أضحى ظاهرة فى كل الدول التى اجتاحها «الربيع العربى» وفى القلب منها تونس. وبعد أن كان الرئيس التونسى الأسبق بورقيبة قد حظر منذ العام 1981 ارتداء الحجاب فى المؤسسات الرسيمة باعتباره رمزا دينيا يروج للطائفية، وامتد ذلك الحظر فى عهد خلفه «بن على»، عادت موجة ارتدائه مع النقاب للانتشار الواسع بعد الثورة، وعودة حركة النهضة الإخوانية من الخارج إلى البلاد، ومشاركتها فى حكمها، وتحالفها الانتخابى والسياسى مع قوى السلفية الجهادية، بما شكل تصادما مع الهوية الثقافية الحداثية للدولة وللشعب فى تونس، وأدخل البلاد فى سجال شكلى حول اولوياتها لعرقلة الخوض فى بحث خطط تفضى لحل مشاكلها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

، ولأن النقاب أمسى عاملا مشتركا فى معظم العمليات الإرهابية التى جرت فى تونس، وبينها اغتيال المناضل اليسارى شكرى بالعيد، الذى نفذ قاتله جريمته متنقلا بالنقاب، فقد منح وزير الداخلية فى العام 2014 السلطات الأمنية حق التفتيش على هويات المنتقبات فى الأماكن العامة، وأعقب ذلك دعوة مفتى تونس لحظر النقاب إذا رأى ولى الأمر فى ذلك مصلحة للأمة «ومنها حفظ النفس من كل ما يتهددها من المخاطر». وبعد ذلك بعامين عرقل حزب النهضة الإخوانى وأنصاره من المتشددين الدينيين، مشروع قانون فى البرلمان التونسى يحظر ارتداء النقاب. وهو نفس الدور الذى يقومون به الآن، لمواجهة قرار رئيس الحكومة الصادر قبل أيام، بمنع ارتداء النقاب فى المؤسسات العامة لدواع أمنية، بعد ما ثبت تخفى منفذى العمليات الإرهابية الأخيرة فى العاصمة تونس، خلفه.

تدعو المبررات التى يسوقها حزب النهضة ضد قرار حظر النقاب لضحك يشبه البكاء، إذ إنها تتحدث عن القيود على الحريات الفردية، التى أمعنوا فى تحريمها على غيرهم، وعن التمييز ضد المواطنين وهو فعل لا يكفون عن ممارسته ضد الخصوم، وعن مخالفته للدستور الذى لم تثبت التجارب أنهم يحترمون نصوصه!

ذكرتنى تلك المبررات بوصف فرج فودة للمتاجرين بالدين بأنهم «طلاب دنيا لا دين، وهواة حكم لا حكمة، وأنصار سلطان لا قرآن، وأنهم يحملون للمجتمع حقدا لا حد له، وللحضارة كراهية لا مدى لها، وللوحدة الوطنية اشمئزازا لا مزيد عليه، وللمستقبل رفضا لا سبيل إلى القبول به، ويعشقون التدمير لسهولته، والرفض لبساطته، وسفك الدماء، لأنه يتناسق مع ما هيأوا وجدانهم له!

رحم الله فرج فودة، وحمى تونس الحبيبة من كل أعدائها.