رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لم يكن د. امام عبدالفتاح امام الذى رحل عن دنيانا الفانية فى الثامن عشر من يونيو الماضى، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عاما، أستاذا عاديا للفلسفة درس الفلسفة ودرسها فى جامعات القاهرة وعين شمس والكويت وكان يتمتع فى هذا وذاك بموهبة خاصة تجعل من الصعب سهلا وبشخصية آثرة تترك بصماتها الساحرة على كل من التقاها سواء فى قاعات الدرس أو خارجها، كما لم يكن مجرد كاتب ومؤلف ومترجم لعشرات من المؤلفات الفلسفية التى تربى عليها وتعلم منها الآلاف من الباحثين والمثقفين العرب فى معظم فروع الفلسفة وتاريخها، بل كان مفكرا عظيما يحلم بمستقبل أفضل لأمته العربية وللعالم الاسلامى، ولا شك أن ذلك الاهتمام بقضايا الأمة ومستقبلها ربما ورثه عن أستاذه الفيلسوف زكى نجيب محمود الذى نال جانبا مهما من اهتماماته، حيث هو الذى قام بترجمة رسالة أستاذه التى نال بها درجة الدكتوراه من انجلترا عن «الجبر الذاتى» وقدم تحليلا وشرحا ودراسة نقدية مطولة عنها، كما كتب بعد ذلك مؤلفا مستقلا عن رحلة أستاذه الفكرية ورؤيته الخاصة حولها.

ولد د. امام بمحافظة الشرقية عام 1934م لأسرة متوسطة كان عائلها أحد علماء الأزهر الشريف، وقد تدرج فى مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب – جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا عام 1957م ثم حصل على درجة الماجستير من نفس الكلية عام 1968م بتقدير ممتاز وكان موضوعها «المنهج الجدلى عند هيجل» وقد كانت هذه الدراسة باكورة الدراسات العربية عن هيجل وفلسفته وتبعها برسالته للدكتوراه عن «تطور الجدل بعد هيجل» التى حصل عليها من جامعة عين شمس بمرتبة الشرف الأولى عام 1972م. وقد عين مدرسا للفلسفة بنفس الجامعة وانتدب منها للتدريس بجامعات مصرية عديدة أبرزها جامعة القاهرة والزقازيق والمنصورة، وقد قضى د. إمام شطرا طويلا من حياته بجامعة الكويت التى وفرت له بيئة علمية أنتج من خلالها معظم مؤلفاته ومترجماته التى قاربت المائة.

وقد تميز انتاج د. إمام بالتنوع، حيث شمل إنتاجه كل فروع الفلسفة وتاريخها تقريبا كما كتب عن أشهر الفلاسفة الغربيين وخاصة هيجل الذى حظى باهتمامه الواسع؛ فلم يكتف بأن قدم رسالتيه العلميتين عنه وعن تلاميذه بل ترجم معظم نصوصه وقدم أعمق وأهم الدراسات عن منطقه الجدلى وفلسفته بمختلف فروعها من الميتافيزيقا إلى فلسفة السياسة وفلسفة التاريخ وفلسفة القانون، ولذلك فقد ارتبط اسم د. إمام بهيجل فكان عراب هيجل والهيجيلية فى اللغة العربية. وكان من بين اهتماماته الرئيسية أيضا اهتمامه بموقف الفلاسفة عبر العصور من المرأة، فقدم سلسلة من المؤلفات عن الفيلسوف والمرأة كان من أبرزها كتاباه عن أفلاطون والمرأة وأرسطو والمرأة واهتم هو شخصيا بأهم الفلاسفة النساء فى الزمن القديم فكتب مؤلفا عن هيباتيا فيلسوفة الاسكندرية، كما كان معنيا بتبسيط الفلسفة وتقديمها بأسلوب علمى سلس وقد بدا ذلك بوضوح فى بعض مؤلفاته وخاصة مدخل إلى الفلسفة وفى اشرافه على ترجمة السلسلة العالمية الشهيرة «أقدم لك» التى ترجم وأشرف على ترجمة حوالى سبعين عددا منها وصدرت عن المجلس الأعلى للثقافة المصرى، كما ترجم وأشرف على ترجمة موسوعة فريدريك كوبلستون فى «تاريخ الفلسفة الغربية». ومما يكشف مدى موسوعية د. امام وتنوع اهتماماته أنه كتب «معجم ديانات وأساطير العالم» وترجم «المعتقدات الدينية لدى الشعوب» لجفرى بارندر و«حياة مشاهير الفلاسفة» لديوجينيس اللايرتى ومعظم كتاب «الميتافيزيقا» لأرسطو و«استعباد النساء» لجون ستيوارت مل «روح الفلسفة المسيحية فى العصر الوسيط» لاتين جيلسون كما ترجم كتاب جون ماكوبى عن «الوجودية».

وقد كتب كل هذا الإنتاج الفلسفى الغزير بأسوب عربى رصين سلس يخلو من التعقيد والالغاز ولذلك أقبل عليه القراء من مختلف طبقات المثقفين وليس فقط من الباحثين المتخصصين.

[email protected]