رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كرة القدم ظاهرة عالمية فريدة، تجاوزت حدود الجغرافيا واللغة والثقافة والعقائد السياسية.. كرة القدم حاضرة داخل محافل العلوم والفنون والآداب بمثل تغلغلها داخل الأحياء الأكثر فقرا فى بلدان العالم وداخل مخيمات اللاجئين وحتى الكثير من السجون.. وفى مطلع القرن العشرين أدركت بريطانيا العظمى أهمية نشر لعبة كرة القدم فى مستعمراتها لربط شعوب هذه المستعمرات بالثقافة البريطانية.. خلال قرن من الزمان 1900 – 2000 تحولت لعبة كرة القدم الى صناعة وسياسة واقتصاد وعلم تقام من أجله أكاديميات متخصصة..  هناك كتب ودراسات جادة عن علم نفس كرة القدم، أو علم اجتماع كرة القدم كعلم مستقل عن علم النفس الرياضى وعلم الاجتماع الرياضى.. البلدان التى تطورت فيها اللعبة وتصنف منتخباتها وأنديتها ضمن الأكثر شعبية فى العالم هى البلدان التى تحولت فيها هذه اللعبة الى صناعة حقيقية تدار بالتخصص والعلم وليس بالبلطجة وحقارة الذمم.. اقتحمت القنوات التجارية والقنوات الرياضية المتخصصة مجال الصناعة الجديدة وبعدما كنا نشاهد كأس العالم مجانا، أصبحت معظم المسابقات يشاهدها فقط المشتركون فى هذه القنوات.. تطورت فنون البث ونافست ستوديوهات التحليل الرياضى  أكبر واعظم ستوديوهات الأخبار والاستعراضات  فى العالم.. الذين تنبهوا لمستقبل اللعبة أدركوا انها ستصبح عصبا اقتصاديا ذات يوم - وقد أصبحت - وفى مصرنا العزيزة واكبنا ما تغير فى عالم اللعبة لكن بطريقتنا وثقافتنا .. مثل أغنياء الحرب تعامل البعض فى مصر مع هذه الفاكهة الشعبية العالمية على أنها «أفيون» اجتماعى كلما تعاطاه الناس ووقعوا تحت تأثيره ستنتفخ جيوبهم وترتفع أرصدتهم.. خبراء اللعبة تحولوا الى مقاولين، والفاسدون فى كل الدنيا هم من يبنون أنفسهم ويهدمون أوطانهم.. أتصور أنا أن الخروج المبكر لمنتخبنا الوطنى من دور ال 16 لبطولة الأمم الأفريقية 2019 التى استضفناها والتى ستختتم يوم 19 يوليو الجارى لم يفتح جراحا جديدة ولكن الصحيح أنه كشف عورات ذاكرتنا حول  ما صاحب مشاركتنا فى نهائيات كاس العالم روسيا 2018  من كوارث.. للأسف غطى الفرح بالمشاركة فى العرس العالمى بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الغياب على أهمية المراجعة والمحاسبة ولم يدفع ثمنا لكل ما حدث سوى الأرجنتينى هيكتور كوبر المدير الفنى السابق الذى تمت اقالته.. الفارق بين كرة القدم عندنا وفى بلد مثل بريطانيا أنها عندنا وسيلة للنصب وعندهم مجال للكسب.. لكم ما يقدمه لنا تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية.. كشف تقرير ال بى بى سى الذى تم نشره فى 12 يوليو 2017، عن أن البريميرليج حقق زيادة قياسية فى الإيرادات بواقع 9% لتبلغ 3.6 مليار جنيه إسترلينى فى موسم 2015-2016 بفضل خدمات البث التليفزيونى النشط للاتحاد الأوروبى لكرة القدم «يويفا» وأنه من المتوقع أن يتجاوز  4.5 مليار جنيه إسترلينى فى موسم 2017-2018 .. فى بلد مثل بريطانيا يقوم على اللعبة خبراء ورجال أعمال واقتصاديون كبار، وتنظر الحكومة البريطانية للبريمرليج نظرة لا تقل احتراما وتقديرا عن نظرتها للجيش البريطانى.. كرة القدم فى دول كثيرة وبحكم شعبيتها الجارفة أصبحت أكبر اسلحة قوتها الناعمة وأعظم جسر لنشر ثقافتها..  الجدل الدائر الآن حول المنتخب الوطنى وأدائه الضعيف فى الدور التمهيدى وخروجه المتوقع من دور ال 16 لا يجب أن يلهينا عن حقيقة عالمية تقول إن الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه تم اجازتها عن كرة القدم فى العقدين الأخيرين بجامعات كثيرة حول العالم .. وفى مصر مازال من يتحكم فى لعبة عمرها أكثر من قرن عصابة تقل عن عشرة أشخاص.. كرة القدم لم تعد مصدرا للتسلية ولكنها أصبحت نشيدا وطنيا يجب احترامه..   كرة القدم يا سادة لم تعد مجرد لعبة..  بعض الفلاسفة يصفونها بأنها النسخة الحديثة للأديان، على أساس الاشتراك فى الإيمان، والطقوس، والاحتفال.. وفى حين يسرق البعض بنفوس رخيصة وضمائر عفنة لحظة فرح نادرة من مائة مليون مصرى -  يقول البير كامو أعظم مفكرى وأدباء فرنسا «إن جميع ما أعرفه عن فضائل الإنسان وواجباته أدين به إلى كرة القدم».