رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

ما من بشر لا يحلم بسكن هادئ فى منطقة آمنة لا يشوبها ضوضاء ولا زحام أو صخب أو تلوث أيا كان نوع هذا التلوث سمعيا.. بصريا.. هوائيا، وهى أوليات المبادئ لحقوق الإنسان فى السكن، وكثيرون من المصريين يقتطعون من أكلهم.. شربهم وكل سبل المتعة أو الرفاهية فى حياتهم من أجل الحصول على مسكن آدمى يوفر لهم حياة آمنة، وساعات راحة بين جدران أربع بعد لهاث عمل اليوم، وخنقة الشوارع، وزنقة المواصلات، و«قرف» كل التعاملات الكونية البشرية فى كافة المصالح والخدمات، والتى تسير من سيئ إلى أسوأ رغم كل محاولات الإصلاح.

كثيرون من الشرفاء الذين تعبوا، وأنفقوا أهم سنوات عمرهم وشبابهم فى العمل الشاق، سواء فى الغربة خارج مصر أو داخلها، من أجل بناء بيت أو شراء شقة محترمة يقضون فيهم مع أسرتهم ما تبقى من أيام العمر، وأقول الشرفاء وليس هؤلاء الذين أثروا من الهواء، سواء الفسدة أو ورثة الفساد من اللصوص والحيتان والمرتشين ومستغلى النفوذ والسلطة، الشرفاء من المصريين عندما يصل بهم الحال إلى مسكن محترم آمن هادئ دفعوا ثمنه الكثير من الشقاء والعمل الشريف وسنوات العمر، هؤلاء ليس لديهم أى استعداد لأن يهددهم أحد فى مسكنهم أو ما يحيط به، وأن يستلب منهم المكتسبات التى دفعوا ثمنها غالياً.

وفى الشيخ زايد التى تعد من المدن العمرانية الجديدة، والتى كانت راقية وهادئة، بدأ عليها زحف سكانى عشوائى خطير، من خلال المساكن الشعبية والشبابية والإسكان المتوسط والتى غادرها أصحابها الأصليون، وقاموا بتأجيرها لكل من هب ودب دون تدقيق أو انتقاء فى نوعية السكان، فباتت المساكن لمجاميع من الشباب، يقفون بملابسهم الداخلية فى الشرفات والنوافذ ليجرحوا حياء قاطنى الفيلات المقابلة، يتشاجرون، يسبون بأقذع الألفاظ، ويمتد الشجار إلى الشوارع، فيخرج العتاة شبه عراة بالسنج والمطاوى، وتشعر وكأنك فى فيلم إبراهيم الأبيض، كل هذا وسكان الفيلات يراقبون ويتحسرون على شقا عمرهم الذى دفعوه فى شراء شقة بفيلا أو بناء فيلا، فإذا بالأحياء الراقية تتحول إلى عشوائية بسبب هذا الوارد من السكان العشوائيين.

نعم كلنا بشر، وكلنا أولاد تسعة وأبونا آدم وأمنا حواء، ولكن كل هذا لا يمنع أن الله خلق البشر طبقات، بشرط ألا تتعامل أى طبقة مع الأخرى بعنصرية ولا جبروت وأن يكمل بعضنا بعضاً، ولكن ما يحدث فى الشيخ زايد الآن شىء مريع، ما يحدث يفقد المدينة خصوصيتها الراقية الهادئة المحترمة، ويفقد سكانها القدامى الأصليين الراحة والأمان، ويسلب منهم ميزة العيش فى شقة محترمة أو فيلا آمنة، لا يحيطها «وغش» المجرمين والمدمنين، ليس من سكان زايد من لم تصدمه هذه السيارات المجهولة التى تقف فى شوارع المدينة ليلاً وبها شباب يتعاطى المخدرات تحت سمع وبصر سكان الفيلات، بعدها يفترشون الرصيف بجانب السيارات المشبوهة، للاستمتاع بالجرعات، فمن يلقى القبض على هؤلاء، من يهرول ليلاً ليبلغ الشرطة، من يتصل بالنجدة لتتحرك بعد فوات الأوان وتقبض على «الوغش»، أسئلة كثيرة لا يجد لها سكان زايد إجابات.

سؤالى تجاوز دهشتى عن سبب إقامة مساكن شعبية أمام الفيلات الخاصة بحى الشيخ زايد، وتجاوز عدم تدقيق أصحاب الشقق الشعبية فى فتح الإيجارات لكل من هب ودب، سؤالى هو: إلى متى سيتم ترك المدينة الجميلة الراقية تسير إلى العشوائية، وإلى فقدان كل مزاياها وخصوصيتها، ولنا فى مدينة 6 أكتوبر أسوة سيئة، للأسف فقدت 6 أكتوبر كل مزاياها التى قامت عليها، وأصبحت زحمة، ضوضاء، تتمدد بها العشوائية، وفلول اللاجئين من هنا وهناك، والذين كونوا بها ما يشبه المستوطنات للهيمنة والسيطرة وتهديد السكان الأصليين ليس فى لقمة العيش فقط بل فى مساكنهم.

أطالب كل القائمين على مدينة الشيخ زايد التحرك لإنقاذها، سكانياً، اجتماعياً، أمنياً، قبل أن تتحول المدينة إلى أى كيان آخر شائك وعشوائى بشع.

 

[email protected]