رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

«وإذ فجأة» كما كان يقول الفنان الجميل عبدالفتاح القصرى، يتبين أن الرئيس الأمريكى ترامب «معجب جداً» بالرئيس الفلسطينى محمود عباس، ويحبه جداً على المستوى الشخصى، ومستعد للتواصل معه فى الوقت المناسب بخصوص اقتراح أمريكى للسلام. وإذا كان من الطبيعى أن تكون هناك شكوك فى هذا الإعجاب المفاجئ، فالمؤكد أن توقيت الإعلان عنه ينطوى على معانٍ كثيرة، أهمها فشل ورشة المنامة الاقتصادية التى تطرح الجانب الاقتصادى من الخطة الأمريكية لحل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، فيما يعرف إعلامياً بصفقة القرن.، وكانت الورشة تهدف إلى جمع 50 مليار دولار خلال عشر سنوات، تحصل السلطة الوطنية منها 800 مليون دولار، على أن تمنح بقية الأموال للدول العربية لتقبل بتوطين اللاجئين الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم نحو خمسة ملايين لاجئ بأراضيها.

إعلان المحبة والإعجاب لم يصدر عن ترامب نفسه، بل قاله صهره «جاريد كوشنر»، فى تصريحات صحفية الأسبوع الماضى وبعد بضعة أيام على انتهاء ورشة المنامة، الذى قال إنها حققت نجاحاً هائلاً، برغم أن معظم المشاركين فيها أجمعوا على أن تحسين الأوضاع الاقتصادية فى الضفة والقطاع غير ممكن بدون استقرار سياسى، وكانت «كريستين لاجارد» رئيسة صندوق النقد الدولى أكثر المؤكدين أنه لا ازدهار اقتصادى فى الأراضى الفلسطينية دون تسوية سياسية!

المفاجأة الحقيقية كانت لكوشنر وترامب، عندما تبين لهم أن مقاطعة السلطة الوطنية الفلسطينية، قد نجحت فى إفشال ورشة المنامة.

وحتى المشاركة العربية بها كانت رمزية تستطلع مجريات الأمور، بينما كانت قيادات الدول العربية المشاركة، تؤكد أثناء عقد الورشة تمسكها بمبادرة السلام العربية، كمرجعية لحل النزاع مع إسرائيل، والقائمة على مبادلة الأرض بالسلام وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وكان لبنان يعلن بوضوح رفضه القاطع لتوطين نحو 400 ألف لاجئ فلسطينى فى أراضيه.

المفاجأة أن السلطة الوطنية بقيادة أبومازن، باتت رقماً صعباً، لم يعد بالإمكان تجاوزه للتوصل لأى نوع من التسويات، حتى لو كانت اقتصادية مغرية، فما بالك وهى تافهة، لا تحتاجها السلطة الوطنية لو أن إسرائيل افرجت عن أموال الفلسطينيين التى تسطو عليها وترفض ردها إليهم، لإضعاف السلطة وإرغامها على القبول بما ترفضه من تسويات مشوهة، لا اعتراف فيها بحقوق الشعب الفلسطينى، الذين يريدون طمس قضيته، وتحويلها من قضية تحرر وطنى، إلى قضية إنسانية تساعد السكان على العيش ومواصلة الحياة!

ما لا يدركه كوشنر ونسيبه ترامب، أن محمود عباس لم يعد يستطيع أن يقدم تنازلات فى الحقوق الفلسيطنية، حتى لو أراد ذلك، لأن الدماء التى سالت والتضحيات التى تم تقديمها لكى يحصل الفلسطينيون على دولة فى مساحة لا تتجاوز 22% من فلسطين التاريخية، هى الحد الأدنى المقبول من قبلهم.

وإذا كانت هناك حقاً فرصة للقرن، كما وصف كوشنر ورشة المنامة الفاشلة، فهى أن تضع الإدارة الأمريكية نفوذها لإتمام تسوية قائمة على دولتين فى ظل قيادة محمود عباس المرنة، حيث تتنبأ الصحف الإسرائيلية، بأن السياسات الإسرائيلية الجامحة فى عنصريتها، سوف تدفع خليفة أبومازن، إلى مزيد من التشدد فى غير صالح إسرائيل.

محمود عباس استقبل تصريحات الإعجاب الأمريكية بفتور، مجدداً رفضه لأى تسوية خارج إطار قرارات الشرعية الدولية، ومرحباً بالحوار مع الإدارة الأمريكية بناء على تلك القاعدة. ولعله كان يردد مع بقية الشعوب العربية التى توحدت مشاعرها على رفض ورشة المنامة، وعلى أن إنعاش الاقتصاد لا يلغى الحقوق السياسية، بل يبدأ حين يتم أخذها، مستحضرين وصية أمل دنقل: لا تصالح، ولو منحوك الذهب، أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبت جوهرتين، مكانهما، هل ترى؟، هى أشياء لا تشترى!