رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عندما تعجز الثورات الكبرى عن تحقيق شعاراتها التي التهبت بها ساحاتها فليس معنى ذلك أنها قد ماتت موتا نهائيا .. مصر بعد 25 يناير 2011 وبعد 30 يونيو 2013 ليست هي مصر قبلهما – ولن تكون .. رفض الفساد السياسي وتجلط مفاصل الدولة خلال ثلاثين عاما قبل يناير 2011 ، ثم رفض خطف مصر داخل عباءة دينية كريهة في الفترة من 17 يونيو 2012 الى 30 يونيو 2013 لحظتان فاصلتان في تاريخنا الحديث ليستا أقل تأثيرا واثارة من صدمة المصريين الحضارية وقت وطأت أقدام نابليون وجنده شواطيء الإسكندرية يوم 1 يوليو 1798 .. وقتها أدرك المصريون أنهم كانوا في عزلة عن تيار التاريخ والحداثة وأسرى للقهر والعبودية  قبل قدوم بونابرت بسبعة قرون على الأقل .. ليس من مصلحة أحد على الاطلاق أن يستقر في وجدان المصري المعاصر أن ما حدث في يناير 2011 كان تخريبا استهدف هدم الدولة .. وليس من مصلحة أحد على الاطلاق اعتبار ما حدث في 30 يونيو انقلابا أطاح بشرعية قائمة لأن دولة الاخوان خلال عام تصدرت فيه المشهد لم تكن دولة بالمعنى السياسي والقانوني ولكنها كانت عملية خطف للتاريخ وتهديد لثوابت الجغرافيا .. انتهت عملية الخطف والقرصنة باسم الدين بثورة رائعة – هي الفصل الثاني من 25 يناير 2011– ثورة فجرها ملايين من المصريين وساند الجموع مؤسسة عسكرية ظل دورها منذ نشأتها الأولى قبل قرون حماية الوضع القانوني والدستوري للدولة المصرية .. العدالة الاجتماعية والحرية والعيش الكريم حق طبيعي لأي شعب يدرك ما هي حقوقه وكلها مطالب ربما لم يتحقق منها حتى الآن الا أقل القليل.. دولة 30 يونيو مازالت في طور التكوين والتشكل وصياغة ذاتها السياسية ، وأكبر تحد يواجهها حتى الآن ليس كثرة المطالب وقلة الحيلة ولكن من وجهة نظري مازال التحدي الأكبر يتمثل في جملة الظروف المحلية والاقليمية والدولية شديدة التعقيد والحساسية والخطورة .. محليا هناك مجتمع تآكلت طبقاته كلها لصالح تسمين طبقة واحدة قد لا تزيد على 10% من مجموع المصريين وتمتلك 90% من الثروة .. هذا التآكل بدأ منذ نصف قرن ، وتوحش خلال العقد الثالث من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك .. دولة 30 يونيو رأت لنفسها أن تملك الكثير من وسائل الانتاج لتحقيق سرعة في الانجاز ولكبح جماح غول الفساد والسطو السياسي على فوائض أي حراك اقتصادي .. اقليميا - مصر بموقعها ودورها وحجمها تقف وسط حرائق مشتعلة على حدودها منذ ما يقرب من عشر سنوات – حرائق من المستحيل النجاة من صهدها وحممها التي تلامس الجسد حينا والقلب أحيانا أخرى .. دوليا يحتل اليمين المتطرف غرف صناعة القرارات في معظم الدول الأكثر تأثيرا على مجريات الأحداث في العالم بالشكل الذي يجعل النأي بالنفس بعيدا عن هيجانها السياسي وبلطجتها الاقتصادية أمرا مستحيلا .. بين هذه الدوائر الثلاث أرى دولة 30 يونيو مثل سفينة ضخمة وسط بحر هائج وتحتاج قيادتها لمهارة نادرة من قباطنة السياسة ، ليس بغرض الوصول الي بر الأمان وانما بأمل النجاة من الغرق في المكان والزمان الأشد صعوبة وقسوة .. الضرورات ربما تفرض على جمهور السفينة أن يستغني عن ترف الاقامة ، ولكن حقائق الحياة أيضا تقول بأن من يشارك في محاولة النجاة من الغرق لابد أن يكون له نصيب من موائد فرح الوصول الي بر الأمان .. مشكلة المصريين المعاصرين أنهم بالضرورة يشاركون في مواسم الزرع وبقسوة يحرمون من طعام مواسم الحصاد .. بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو مطلوب من الدولة المصرية أن تكون أكثر قربا من الناس بالحوار والمشاركة - ليس في تحمل المسئوليات فقط ودفع ضرائبها  وانما بتمكينهم من آمال طال انتظارها ولم تأت ..والأهم من كل ذلك أن يكون القرب بالفعل وليس بالوعد .. بتغيير الأحوال وليس بتصدير الآمال .. بتشييد أعظم قواعد للعلوم والفنون والآداب وليس فقط الفخر بتشييد أضخم دور للعبادة .. حين نقف أمام الله ليحاسبنا جميعا فلن يشفع لنا بأي مسجد أو كنيسة صلينا -قبل الصلاة وبعدها – سيسألنا الله بأي مصنع عملنا وبأي ضمير كسبنا وبأي حق قبلنا وبأي علم انتفعنا .