رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

انتهت قمة العشرين في اليابان، بتراجع واضح للرئيس الأمريكي عن تهديداته بشأن النزاع التجاري مع الصين، والتماس الأعذار لتركيا بشأن صفقة نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس 400».. مع بعض الرسائل «غير المزعجة» لإيران!

كما فشلت «آخر فرصة» في فيينا لإقناع طهران بالتراجع عن موقفها بشأن المهلة التي منحتها لـ«الشهود» الأوروبيين، والالتزام ببنود الاتفاق النووي.. ليحبس العالم أنفاسه مجددًا، تحسبًا لأي «تهور» يضع المنطقة برمتها فوق صفيح ساخن!

حتى الآن، فشلت جميع محاولات الرئيس الأمريكي، وصقور البيت الأبيض في ابتزاز إيران وجرِّها إلى مائدة المفاوضات، بعد الانسحاب الأحادي لواشنطن من الاتفاق النووي، وتشديد العقوبات القاسية على طهران.

تصريحات ورسائل ترامب «البائسة»، ووعيده المتكرر بالجحيم، لم يكن سوى «جعجعة» لاستجداء التفاوض وإحداث انقسام داخلي، ودعم الفوضى وتأزيم الاقتصاد، لكي يثور الإيرانيون على نظام الحكم القائم في البلاد منذ العام 1979.

وفقًا لحسابات ترامب ـ التاجر والسمسار ـ فهو يريد «الحلْب» لا الحرب، لاهثًا وراء الكسب السريع، حيث وضع احتمالًا ضعيفًا لموافقة طهران على التفاوض، فقام بوضع شروط تعجيزية، تكون ذريعة لأي خطوات تصعيدية، وإبراء ذمته أمام الرأي العام الأمريكي والكونجرس.

لكن، ما حدث على مدار عام كامل، ليس سوى تهديد ووعيد أمريكي فارغ، لإثارة الخوف والهلع بين دول المنطقة، وإيجاد الذرائع لمزيد من حلْب الثروات، وتمرير ما يسمى بصفقة القرن، ولفت الأنظار إلى أن إيران هي العدو، وليس «إسرائيل»!

أما إيران فإنها ستحاول «العكننة» على وجود أمريكا بالمنطقة، سواء في مضيق هرمز، أو عبر وكلائها في لبنان والعراق واليمن وسورية وفلسطين، وربما ينتهي الأمر إلى مواجهة عسكرية غير محمودة العواقب.

بالطبع، عند المواجهة ستدفع إيران ثمنًا باهظًا، لكن الثمن الذي ستدفعه أمريكا وحلفاؤها سيكون أضعافًا، خصوصًا عندما تنتقل تبعات الأزمة إلى الداخل الأمريكي، وبالتالي سيكون مستقبل ترامب السياسي في مهب الريح، وانتهاء حلمه تمامًا في ولاية ثانية.

باعتقادنا سوف تستمر الأزمة لفترة، لإدراك الجميع خطورة التصعيد، «المحسوب تمامًا من كافة الأطراف».. المهم هو «ترويض» طهران، وإقناعها بالتفاوض المباشر مع واشنطن، خصوصًا أن ردود فعل إيران بدأت تؤلم الأمريكيين، الذين لم يحركوا ساكنًا بعد إسقاط طائرة التجسس!

إن التوتر القائم بين أمريكا وإيران، يجسد مفهوم حالة «اللاحرب واللاسلم» القائمة بينهما منذ 40 عامًا، ولذلك ننتظر مزيدًا من تصعيد الأزمة وتبريدها.. وكل ذلك محسوب بدقة وتحت السيطرة، لأننا نستبعد ـ في المستقبل القريب ـ حدوث تصادم عسكري مباشر في المنطقة.

ما يدفعنا إلى تبنِّي هذا الرأي، هو إدراك الجميع أن الحرب ستكون إقليمية، وقد تمتد دوليًا، وبالتالي فإن تكاليفها لن يستطيع العالم تحملها، خصوصًا في ظل التوتر الأمريكي مع الصين وروسيا الحليفتين لإيران، والذي قد يحول دون اندلاعها.

كما أن حجم القوات الأمريكية المنتشرة في الخليج ليست سوى قوة ردع محدودة، لا تستطيع خوض حرب واسعة، أضف إلى ذلك أن أوروبا والدول الكبرى تنظر للصراع الأمريكي ـ الإيراني نظرة مختلفة، لأن الغرب في مجمله وراء استمرار الاتفاق النووي.

أخيرًا.. في حال وقعت المواجهة الكبرى ـ لا قدر الله ـ سيكون الخاسر الأول والثاني والأخير هو دول الخليج مجتمعة، والتي يجب عليها عدم الهروب من روابط الدين والتاريخ والمصالح المشتركة، لأن أي مقامرة بشن حرب جديدة ستغير معالم الجغرافيا في المنطقة.