عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

رغم الحقيقة التي لا يمكن للمرء أن يماري فيها بأن الولايات المتحدة تعتبر دولة مؤسسات، إلا أن هذا التصور ربما يكون تآكل بعض الشىء خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي ترامب، والذي يبدو أنه يسعى لإدارة شئون البلاد بشكل فردي بعيدا عن المؤسسية. النماذج والأمثلة على هذا الطرح كثيرة وقد قدمت بعضها في مقالات سابقة غير أن الأزمة الأخيرة التي تسيطر على وسائل الإعلام العالمية بين الولايات المتحدة وإيران تقدم مثالا على جموح الرئيس ترامب وسعيه إلى الاستقلال بالقرار في قضية من القضايا بالغة الخطورة والتي ربما تؤدي عدم الحكمة في التعامل معها إلى جر العالم لحرب قد نعلم كيف تبدأ لكننا من المؤكد لا نعلم كيف تنتهي؟

المشكلة أن ترامب، والطرف المواجه له ممثلا في القيادة الإيرانية يسيران بالأزمة إلى نهاياتها أو ما يعرف في السياسة الدولية بحافة الهاوية على يقين بأن التدخل قائم في الوقت المناسب رغم أن هذا اليقين قد لا يعدو أن يكون في بعض الحالات الشبيهة سوى سراب وتخرج الأمور عن السيطرة لتنتهي إلى كارثة.

والملمح الأساسي الذي يمكن أن يلحظه أي متابع للأزمة هو حالة التخبط التي يبدو عليها الرئيس ترامب في تعامله معها بشكل يرجح أن السياسة الامريكية تعبر في تعاطيها مع تطورات الأمور بشأن هذا النزاع بالذات تسير وفق خطة مرتجلة وليس خطة منظمة. ورغم انه من المبكر الحديث عن نتائج الأزمة إلا أن مؤشراتها تشير إلى ما يمكن اعتباره خسارة واشنطن للجولة الأولى لها، مع الإقرار بأن الأزمات بخواتيمها.

كان المشهد المعبر عن الوضعية الأمريكية في الأزمة وعدم قدرة واشنطن على الفعل، بشكل أساء إلى موقفها كثيرا وقوفها عاجزة عن اتخاذ موقف تجاه إسقاط طهران طائرة تجسس لها ليس لافتقاد القدرة على التحرك وإنما لأن الحركة معناها في مثل هذا الموقف إشعال المنطقة ودخولها في نفق مجهول. وقد جاء رد فعل ترامب على نحو يثير الدهشة والاستغراب بشكل يكشف عما نعتبره حالة من التخبط، حيث أشارت الأنباء إلى تحرك أمريكي لتوجيه ضربة لطهران ردا على هذا التطور، فيما سارع ترامب إلى اعلانه تأجيل اتخاذ أي موقف وأنه أمر بإلغاء مثل هذه الضربة، لأنها كان يمكن أن تؤدي إلى مقتل 150 مدنيا، وهو أمر تكشف التجارب أن واشنطن لا تلقي بالا له.

وعلى وقع ردود الفعل التي كشفت عن تلقي موقف ترامب باعتباره يعبر عن ضعف أمريكي في مواجهة إيران راح الرئيس الأمريكي يعلن أنه لم يلغ الضربة التي كان مزمعا القيام بها وإنما قرر تأجيلها، فيما يبدو حفظا لماء وجه بلاده، وهو التصور الذي عززه تصريحات بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي والتي ادلى بها من تل أبيب محذرا إيران  من تصور أن ما وصفه بتعقل الولايات المتحدة ربما يكون ضعفا.

ولعل متابعة الأزمة منذ بدايتها تؤكد الرؤية التي نحاول طرحها والمتعلقة بأنها لا تعبر عن سلوك رشيد وإنها ربما جاءت على خلفيات عاطفية تتعلق بمساندة إسرائيل، حيث إن ترامب هو الذي بدأها بانسحابه من الاتفاق النووي ثم سعيه لبدء العقوبات المتعلقة بوقف صادرات النفط الإيرانية، فهو في النهاية في موقف يبدو فيه غير قادر على الخروج من الازمة والانسياق وراء مواصلتها بأي السبل وأيا كانت الخسائر، في الوقت الذي يعلم فيه أن سلوكه السياسي له سقف محدود لا يجب بأي حال من الأحوال أن يصل إلى الحرب.

وربما يكشف تصريح بومبيو وزير الخارجية الأمريكي عن حقيقة موقف بلاده حين راح يعبر عن ثقته من أن بلاده يمكن أن تتخذ مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تعيد الردع، ما يشير إلى أن إجراءات الردع الاولية التي حاولت بها واشنطن تطويق إيران لم تنجح.. وفي ذلك من الكفاية ما يشير إلى مستوى الأداء الأمريكي الضعيف على الأقل حتى اللحظة من تطورات أزمتها مع إيران.

[email protected]