رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

قبل أن أغادر، أتجهز لهذا الوحش المجهول الذى قد يترقبنى على الطريق ليغرس أنيابه القاسية فىّ، أضع بطاقتى فى متناول الأيدى بمكان بارز بحقيبة يدى، ليتم الاستدلال على شخصيتى وعنوانى بسهولة، أستبعد أى ملابس بها أى فتق عفوى أو مفاجئ، فعيب أن يعثروا فى ملابس واحدة بسنى ومركزى على «مزق ما» حين يفاجئنى هذا الوحش، بجانب استعدادات أخرى أهمها قراءة القرآن وبعض أدعية التحصين، وتلاوة الشهادين، ودعاء الدابة، وأنطلق بسيارتى من هذا الحى بالشيخ زايد، حيث أقيم على طريق محور 26 يوليو وطيلة طريقى أبسمل.. أحوقل.. أستغفر وأصلى على «رسول الله».

يدركنا الموت ولو كنا فى بروج مشيدة، أعلم إيماناً ويقيناً، ولكن من منا لا يتمنى أن يموت ميتة مكرمة على فراشه، فلا يتفرج على «جثته» الخلق وهى مبعثرة على الطريق، ولا يعبث ببقايا أشيائه وممتلكاته لصوص الموت الذين لا يتعظون و«يقلبون» الجثث ويستولون على متعلقاتها وأموالها قبل الإبلاغ عن الحادث، ومن منا يتمنى ألا «يتبهدل» ذووه خلف جثمانه من إسعاف لمستشفى لمشرحة لـ....حفظكم الله.

طريق زايد وأكتوبر – محور 26 يوليو، أصبح طريق الموت، لا يمر يوم واحد أبداً إلا وتجد الجثث والمصابين على الرصيف وبجانبها السيارات المهشمة، وصف السيارات المتعطل من جراء الحادث يقف مئات الأمتار حتى يصل الإسعاف والشرطة لرفع الجثامين والمصابين حيثما يكون، لا يمر يوم إلا وأرى هذا المشهد أنا وصديقتى الغالية نادية مطاوع رفيقتى فى الجوار والمشوار والعمل الصحفى، «لا حول ولا قوة الا بالله» ألطف بعبيدك يا رب.. يا رب ألطف بهم وصبر أهاليهم، كلمات متطابقة نرددها أنا وهى ذهاباً وعودة، والمشهد الدامى المتكرر.. يطاردنا، نتبادل النظرات الوجلى فى صمت، وكل منا يسأل نفسه دون بوح «هل سنكون بينهم يوماً؟».. حفظك الله لأسرتك صديقتى نادية، ولطف بنا وبمقاديره.

رغم أن طريق زايد - 26 يوليو رايح جاى ليس طويلاً جداً، بالطبع النهار مشمس، والرؤيا واضحة كالشمس، فى الليل الإضاءة أيضاً كافية، وليست «شماعة» لنعلق عليها سبب تكرار الحوادث بصورة يومية، إذاً المشكلة هى السرعة الزائدة، وغياب الرقابة المرورية، وعدم وجود الرادع الحقيقى أولاً لقائدى الميكروباصات «عفاريت الأسفلت» الذين فى سباق دائم بينهم وبين الموت والانقلاب والدخول فى أعمدة الإنارة أو الاصطدام بسيارات أخرى، أو الرادع للسيارات الضخمة الفاخرة، التى «يتمنظر» أصحابها ويتباهون بقيادتها فى سرعة الريح، وهم مطمئنون أن أجهزة الرادار المتناثرة على اليمين واليسار بالطريق لا تعمل منذ سنوات، وتحولت الى أعشاش للعصافير أو مرتع للأتربة والحشرات، فلا رصد أو تسجل للسرعة الزائدة والمحددة بـ90 كيلو مترا فى الساعة، ولا نقطة مرور، وإذا غاب العقاب.. أساء البشر الأدب.

فى ظل قانون المرور الجديد، أتعجب أين طريق محور 26 يوليو – زايد وأكتوبر من هذا القانون، وأين الرادارات، ولماذا يتم عمل إعلانات مضيئة ضخمة تشتت قائدى السيارات على الطريق، ولماذا لا يتم عمل نقاط مرور لتغريم أو القبض على المخالفين الذين يرصدهم الرادار وبصورة فورية سريعة، ليكون هذا رادعاً لكل سائق أيا كان نوع المركبة التى يقودها، حتى يعمل الجميع حسابهم لأرواح البشر، وأيضاً حساب نفسه، فما جدوى السرعة والسباق واختصار خمس دقائق أو حتى نصف ساعة من الوقت، مقابل أرواح تقتل، وإصابات معيقة، وتحقيقات شرطة ومحاكم، وخسائر بالآلاف، أليس بينكم رجل رشيد.

رغم اعتلال الصحة.. وتعدد اسباب الموت، إلا أن هذا الوحش المتربص على طريق محور 26 يوليو، أراه يتربص بى ليزهق روحى، أو يعطل بعض أعضائى.. يا رب الرحمة.. يا مسئولي الداخلية والمرور.. الضمير والرحمة.. وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. ولزايد.. بقية.

 

 

[email protected]