رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هموم وطن

تذكرت درساً علّمته لى أمى رحمها الله منذ ما يقرب من نصف قرن وذكرنى به أصحاب الفتاوى الملاكى والمفصلة على من يطلبونها بالفضائيات وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى ممن يطلقون على أنفسهم مشايخ وهم فى الحقيقة أصحاب هوى ولا يعلمون من الفقه والفتوى إلا القشور ورغم ذلك يتجرأون عليها، القصة قبل أن أطيل عليكم أن والدتى رحمها الله أعطتنى تعريفة أو نصف قرش لمن يعلمون قيمتها والقرش هو وحدة من الجنيه الذى يساوى مائة قرش، المهم التعريفة كانت لشراء أستيكة من عم خميس الله يرحمه الذى أعطانى الأستيكة أثناء الزحام على دكانه البسيط ونسى أن يقوم بتحصيل ثمنها، حيث كانت فى يدى وكنت أقبض عليها خوفًا من سقوطها وكانت هذه تعليمات أمهات الزمن الجميل، «حرس» على فلوسك، وإياك تقع منك مش زى عابلة كامل.. أم اللمبى وهى بتوصيه يجيب إزازة بيرة.. المهم أنا لقيت وأنا راجع الأستيكة فى إيدى الشمال والتعريفة فى إيدى اليمين وعلى طريقة اللمبى برضة.. اللمبى طلع براءة يا جدعان.. فقلت الحمد لله عم خميس ما أخدش منى التعريفة وأنا فى قمة الفرحة وأنا أخبر والدتى بأن التعريفة معايا والأستيكة معايا وصاحب الدكان مش عاوز الفلوس فابتسمت والدتى وقالت قصدك نسى ياخدها ولازم ترجعها حالًا عشان كده حرام استغربت من منطق أمى التى تريد منى أن أرد شيئًا أصبح فى قبضة يدى دون عناء وتقريبًا دى كانت ميول فى مرحلة مبكرة إنى أكون حرامى ولا مؤاخذة، وعلى مضض رجعت إلى عمى خميس وأنا أرتدى ثوب الفضيلة وقلت له يا عم خميس أنت نسيت تاخد التعريفة بصوت جهوريًا حتى يسمع من يقف بجوارى فشكرنى الرجل وأيضًا أعاد الفضل إلى والدى ووالدتى قائلًا أنت ابن ناس طيبين، عدت إلى بيتى مسرعًا وأثناء الجرى سقطت الأستيكة منى وكانت الساعة تقترب من الثامنة مساء وكان ذلك قبل أن ننعم بالكهرباء وبكيت وأنا أبحث عن الأستيكة فى العتمة والتى لم أجد لها أثرًا وعدت إلى أمى وأنا أعنفها باكيًا الأستيكة ضاعت والراجل أخذ التعريفة وكنت أظن أنها ستشاركنى الحزن ولكنها بحنان شديد ضحكت وأخذتنى فى حضنها وقالت لى ولا يهمك خد تعريفة كمان وروح هات أستيكة.. بس خلى بالك المرة دى.. انتهت القصة ومن وقتها وأنا أعلم أن القلب والفطرة هما الفيصل فى جميع الأمور التى تعرض على الناس انطلاقًا من الحديث الشريف «استفت قلبك ولو أفتوك» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أصحاب الهوى ومن فى قلوبهم مرض يقولون «حطها فى رقبة عالم واطلع منها سالم» وهذه الفهلوة هى سبب نكبتنا فى الأخلاق والأمانة والإخلاص وحسنًا ما أصدرته الهيئة الوطنية للإعلام بخصوص أصحاب هذه الفتاوى الشاذة والتى حددت شروطًا ووضعت بنودًا لا تسمح إلا لمن يمنحهم الأزهر إجازة بالفتوى.

ونسأل الله السلامة لنا ولديننا.