رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

مع انتهاء «الكابوس المرعب» لامتحانات الثانوية العامة، بدأت على الفور «مغامرة» أولياء الأمور فى «أدغال» الجامعات الخاصة، بحثًا عن توفير مقعد مناسب فى إحدى الكليات لأبنائهم، تحسبًا لمفاجآت التنسيق «غير السَّارة»!

أينما تولِّى وجهك، تحاصرك الجامعات والمعاهد الخاصة، بإعلاناتها المغرية المنتشرة عبر مختلف وسائل الإعلام، ومنصَّات التواصل الاجتماعى، أو فى الشوارع والميادين، لجذب أكبر عدد من الطلبة.

إن رحلة البحث عن مقعد «شاغر»، فى هذا التوقيت، تدفعنا إلى دق ناقوس الخطر، وإلقاء الضوء على منظومة التعليم العالى الخاص، التى كانت ولا تزال فى حالٍ يُرثى لها سواء أكان فى مستواها أو مخرجاتها.. أو فى مصروفاتها المبالغ فيها!

لقد أصبحت المصروفات الدراسية «غير العادلة»، أزمة كل عام، وعبئًا ثقيلًا على كاهل الآباء والأمهات، الذين يتحملون قسوة الحياة ومنغصَّات المعيشة، لتوفير مستقبل تعليمى مميز لأبنائهم، باعتباره ضمانة لفرص عمل أفضل!

عندما نتأمل خارطة الرسوم الدراسية لجامعات مصر الخاصة التى تصل أحيانًا إلى 375 ألف جنيه فى العام الواحد فقط نلاحظ أنها لا تقدم نفس جودة التعليم بالخارج، وبعيدة كل البُعد عن أى تنافسية حقيقية أو ميزة إضافية عن نظيراتها فى الغرب.

وبما أن فلسفة التعليم العالى فى دول العالم المتقدمة، تكمن فى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من العقول والميول والإبداع، وصولًا إلى التفوق والتميز والريادة، فإن الوضع فى بلادنا يعتمد على التجارة أو «الفهلوة والشطارة» من خلال «جباية» الرسوم الجامعية غير المنطقية أو المبررة!

تلك الاستراتيجية الغربية المدروسة، قائمة على عدم التمييز بين أبنائها أو الوافدين، من خلال خفض تكلفة التعليم العالى «الحكومى والخاص»، وتوفيره للجميع بالمجان أو برسوم بسيطة، كما فى ألمانيا ومعظم الدول الأوروبية والاسكندنافية.

المفارقة أنه فى الوقت الذى تحقق فيه الجامعات الغربية إنجازات هائلة، وتصنيفًا دوليًا متقدمًا، لاعتمادها جودة التعليم وتنوع وشمول وحداثة مقرراتها الدراسية وتوافر وسائط التعليم المختلفة، إلا أن الوضع فى مصر يسير فى الاتجاه المعاكس!

إذن، الأمر تعدى الرؤية والرسالة والهدف والمضمون، ليصبح مجرد شهادة تُعَلَّق على الحائط، ونوعًا من الوجاهة الاجتماعية، وفى أحسن الأحوال تأشيرة للحصول على عمل مناسب بعد التخرج، لأن التعليم العالى الخاص فى مصر بشكل عام فقد جزءًا من قيمته، عندما تحول إلى «بيزنس»، ومشروعًا لتحقيق الأرباح الطائلة والمكاسب السريعة.

نتصور أن التعليم العالى الخاص بوضعه الحالى، بات إحدى الكوارث المجتمعية الكبرى، فى ظل تدنى المستوى، ومردوده الضعيف، مقارنة بتكاليفه المرتفعة، ليتحول فى كثير من الأحايين إلى ابتزاز ونصب واحتيال، خصوصًا عندما تلجأ بعض الجامعات إلى التحايل، بإخفاء المصروفات والتكاليف الحقيقية أو المحددة طبقًا للإيصالات الرسمية.

إن غياب الرقابة منح الفرصة لكثير من تلك الجامعات، التلاعب بجيوب الناس، من خلال رسوم تقديم الاستمارات، وحجز مقعد، ومصاريف الفصل الدراسى الواحد، والمواصلات.. وأشياء أخرى، إضافة إلى استغلال رغبة أولياء الأمور فى منح أبنائهم شهادات عليا من دون عناء، تعويضًا عن معدلاتهم المنخفضة فى الثانوية!

أخيرًا.. نعتقد أن ظاهرة انتشار الجامعات والمعاهد الخاصة فى مصر تحتاج إلى رقابة صارمة، لأنها بالفعل لم تقدم أى جديد إلى سوق العمل، بل تتعمد تكرار التخصصات الموجودة بالجامعات الحكومية، من دون توفير مهارات جديدة أو خبرات مختلفة، ليصبح الأمر مجرد سلعة تُباع وتُشترى!

[email protected]