رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة

لا يختلف اثنان على أن الموسيقى قرينة الإنسان منذ نزوله على الأرض، فمعيشته على الأرض جعلته يشاهد ويتابع بعينيه ويستمع بأذنيه لكل الأصوات المحيطة به، دون أن يقول لنفسه هذا صوتٌ حلال وذاك صوتٌ حرام، لأن الله هو من علمه الأسماء كلها، وهذا لا مراء فيه لقوله تعالى: «وعلم آدم الأسماء كلها»، وربما علم آدم بدوره حواء الأسماء كلها أيضاً، لتؤانسه وتشاركه الحياة على الأرض، ويعملا معاً على إعمارها.

وقد أثبت الإنسان أنه يطرب بالفطرة لموسيقى الطبيعة كتغريد البلابل والعصافير، وحفيف الأشجار، وخرير الماء، وأصوات الطبيعة عامة، فدفعه توقه الدائم لموسيقى الطبيعة إلى محاكاتها باستخدام آلات صناعية، فظهر الهارب الفرعونى، والقيثارة اليونانية، والطنبور النوبى، والناى، والدفوف، والطبول، والصنوج، والأبواق وغيرها؛ كما استخدم التصفيق باليد أيضاً وكأنه آلة إيقاعية؛ وأصوات الكورس وكأنها آلة موسيقية.

 وتطورت الموسيقى الاصطناعية- إذا جاز التعبير- بظهور العود، والقانون، والمنادولين، والبوزوكى، والبُزُق وغيرها؛ مروراً بالآلات الوترية الغربية كالكمان، والتشيللو، والكونترباز، والجيتار؛ وآلات النفخ كالفلوت، والبان فلوت، والأبوا، والكلارنيت، والساكسفون، والهورن، والترومبيت وغيرها؛ إضافة إلى البيانو، ملك الأوركسترا.

 وأخذت تعمل تلك الآلات على تحقيق الثبات النفسى للإنسان، ومساعدته على الهدوء والاسترخاء وإكسابه شيئاً من القدرة على إعقال الأمور نظراً لصلاح بدنه الذى خرج من صلاح مِزاجه، عملاً بمقولة الأطباء المسلمين القدامى: «اعتلالُ البدنِ من اعتلالِ المزاج، واعتدالُ البدنِ من اعتدالِ المزاج»؛ ويكتمل إدراك الإنسان للجمال الكونى بتلاحم ما تسمعه الأذن وما تراه العين ويستقر فى النفس.

هكذا، خرجت الموسيقى، بفعل الطبيعة، وتطورت بإرادة وألمعية الإنسان، لهدف مشروع غايته اعتدال البدن وصلاح المِزاج، وليس المجون والفجور الذى قد يسىء إلى المعازف إذا ما صاحبها.

وقد دفع هذا الإغريق إلى أن يكرسوا إلهاً للموسيقى ضمن آلهتهم، وهو أبوللو، الذى كان يصور دائماً وهو ممسك بقيثارته المشهورة؛ ومن أثينا انتقل أبوللو إلى روما.

ولم يقف استخدام الموسيقى عند الفرد، بل استخدمت فى تحفيز الجيوش عند المسير إلى الحرب، ورفع حماسة الجنود ومعنوياتهم بقرع الطبول، ونفخ الأبواق، طبقاً لألحان متفق عليها؛ وهو ما يعرف الآن بالموسيقى العسكرية.