رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

لم أصدق نفسى وأنا أشاهد واحدة ممن يحملن درجة الدكتوراه فى الفقه، وهى تجلس على إحدى الفضائيات تتحدث عن السبايا والعبيد.. وتداعب أحلام الشباب أنه بعودة الفتوحات سيكون لكل منهم حفنة من الجوارى يسرن خلفه.. حقيقة أصابنى الذهول من هذا الاستدعاء غير المبرر لأعراف زمان بائد ونسبها لدين الله.. نعم كنا نسمع الكثير من هذه الترهات ونتجاوز عنها لصدورها عن «نابتة» ودعاة جهل.. أما أن يأتى هذا الاستدعاء الغريب ممن نحسبهم أهل علم.. فهناك خلل لا يمكن غض الطرف عنه.. هى طعنة أخرى من الداخل للإسلام.. وزيادة فى اللغط والإساءة لدين الله.. ولا عجب إذًا إن وجدنا من يبرر أفعال تنظيم الشيطان «داعش» وينسبها للإسلام.. وهذا ما فتح الباب أيضا واسعا للمتربصين بدين الله والمستهزئين.. وأعطى مادة خصبة للطعن فى أحكام القرآن.. ووصفها بأنها لا تناسب زماننا.

وربما هذا أيضا ما دفع زميلنا الدكتور مصطفى عبدالرازق لإدراج هذه المسألة ضمن سلسلة مقالاته القيمة عن المفاهيم التى ينبغى مراجعتها حرصا على الدين.. ودفعه أيضا للتساؤل عن أحكام العبيد فى القرآن فى مقابل تطور الحضارة الإنسانية.. متسائلا هل هذا التطور يعد نوعا من النسخ لتلك الأحكام؟

والواقع أن القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن.. لكن ما كنا ننتظر أن يقوله أهل العلم.. إن الرق كان موجودا قبل الإسلام بآلاف السنين.. وكان عرفا للزمان فى كل الأرض.. وحينما بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بدين الحق.. بدأ فى تهذيب أعراف الزمان وليس التصادم معها ما دامت لا تمس عقيدة التوحيد.. وكان مما جاء به الإسلام.. الحض على تحرير العبيد.. وفرضه على المسلمين فى أغلب الكفارات.. وأعطى للإماء والعبيد ما يعيد لهم إنسانيتهم المهدرة.. ولأنه كان العرف الغالب فى الأرض لم يأت تحريم العبودية قاطعا، وندب تحرير العبيد.. ذلك أنه لن يمتثل للتحريم غير المسلمين.. بينما إن وقع المسلمون فى الأسر صاروا عبيدا وإماء لا محالة.. إذًا جاء الإسلام للتنفير من هذا العرف.. وحصره فى أضيق الحدود.. لا للتوسع فيه.

أما أحكام العبيد فى القرآن الكريم.. فقد أوقف الحكم بوقف الفعل وتغير العرف.. وإن عادت الهمجية للحضارة الإنسانية من جديد فلدينا أحكام القرآن التى تحد من قسوتها.. وما رفض العالم اليوم للرق إلا امتداد طبيعى لما أسسه الإسلام قبل 1400 عام.. أما الطاعنون فى فقهاء الإسلام وطنطنتهم بذكر أحكام العبيد فى كتبهم.. نقول لهم وجدت فى كتبهم لأنها وجدت فى زمانهم.. فلماذا تستدعيها أنت اليوم وتنسبها لدين الله.. وكأن الإسلام هو من جاء بالرق ولم يكن موجودا قبله بآلاف السنين.. (وللحديث بقية)

[email protected]