رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كشفت زيارة دولة قام بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لبريطانيا مؤخرا، بشكل عملي، أنه يعوض ضعف خبرته السياسية، بممارسة عقلية رجل الاعمال الباحث عن مصالحه الخاصة، ويترجم مفهومه للعلاقات الدولية وفق هذه العقلية، ولو كان لديه قليل من دهاء رجال السياسة، لما ساعد فى تكوين محاور ضده فى بريطانيا التى شهدت خلال الزيارة العديد من المظاهرات المناهضة لسياساته الاوروبية وحتى الداخلية فى امريكا، او ساهم فى خلق حالة من الاحتقان فى العلاقات الامريكية الاوروبية عموما، عندما وقف الى جانب انسلاخ بريطانيا عن الكيان الاوروبى الكبير!

 الاكثر من هذا، سبق ترامب الاحداث وتخطى حاجز خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى المعروف باسم بريكست BREXIT قبل الانفصال رسميا، وحرض بريطانيا على التمرد على شركائها، الى درجة انه طلب منها أن ترفض دفع فاتورة البريكسيت او الطلاق من الاتحاد الاوربي، والتى تقدر بحوالى 50 مليار دولار.

 وكان الرجل صريحا مع تريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا المستقيلة عندما واجهها بفشلها فى سرعة تمكين بلادها من الانعتاق من التعهدات الاوروبية وانتقد طريقة ادارة ماى لملف خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي!

ثم يكشف ترامب ايضا النقاب عن عقدة لديه أنه دائما يقف معارضا للاندماجات والتجمعات الدولية وهو أمر ليس جديدا انما لو تتبعنا المواقف الامريكية منذ دخوله البيت الابيض نجده يميل للأفكار الانعزالية، ويرفض الاتجاهات القومية لأنه يراها تمثل نوعا من الخطورة على المصالح الامريكية.

ومن هنا تعتبر اى تحالفات اقليمية او دولية مشكلة تقلق الرئيس الامريكى الى حد كبير، فهو يعتبر مثلا مشروع الحزام والطريق الصينى مع اوروبا تحديدا تحديا للنفوذ الامريكى من ناحية وجزءا من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين من ناحية اخرى، وعليه يرى ترامب ان تحييد الجانب الاوروبى اقتصاديا، سيصب فى صالح الاهداف الامريكية، وينظر ترامب الى الاتحاد الاوروبى على انه تكتل يضر بنفوذ بلاده السياسى والاقتصادى وهو توجه لم يكن موجودا بهذه الحدة فى الادارات السابقة لترامب.

ووفق هذا نلاحظ ان ترامب قد غض الطرف عما يريده المواطن الاوروبي، بل وتجاهل الإرادة السياسية لدول الاتحاد الاوروبي، متناسيا استقلال القرار الجماعى الاوروبى فى هذا الشأن او فى غيره، لاسيما انه لابد وان ينطلق اى قرار من رغبة الشعوب الاوروبية نفسها.

ونرى ان ترامب أخطأ، عندما تصور ان «البريكست» البريطانى يمكن ان يتكرر فى دول اخرى، وفى اعتقادى انه بهذا لم يفهم جيدا ان ظروف بريطانيا ورغبات الشعب البريطانى وثقافته وميراثه التاريخى مختلف عن بقية الدول الاوروبية ويمكن القول إن الدول الاوروبية ليست جميعها سواسية، ويعانى كثير منها اقتصادياً، حيث ان التجارة البينية بين الدول الأوروبية اقل من نظيراتها مع الاقتصادات الدولية العملاقة مثل الصين وروسيا واليابان ويعتمد الاقتصاد الاوروبى داخليا على العلاقة التكافلية ـ اذا جاز التعبير ـ بين الاقتصادات الغنية والاقتصادات الفقيرة الامر الذى يجعل الميزات النسبية تبدو فقط لدى الدول التى لا تعانى مشاكل اقتصادية ـ نسبيا ـ مثل فرنسا واسبانيا والمانيا وايطاليا.