عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

يبدو أننى على أبواب مرحلة النجفة،وربما أصبحت الرجل النجفة بشحمه ولحمه،شهور وأتم بعون الله عامى الستين،قبل سنوات سمعت لأول مرة مسمى «الرجل النجفة» من أحد الصدقاء،لم أفهم المعنى يومها، كان يهنئني بعيد ميلادى، فوجئت به يقول لى:

ــ هانت كلها كم سنة وتدخل مرحلة الرجل النجفة

ــ نجفة؟

ـــ أه، هى المرحلة قبل الأخيرة من العمر.

ــ ودى هدخلها ازاى

ــ لما يعتبرونك كما مهملا

ــ مين

ــ من تجلس وسطهم، اللى رايح وجاى هيقولك: منور يا حاج

ـــ بيقولوها من فترة، بسمعها فى الشارع، السوبر ماركت، المصالح الحكومية.

ــ لا، في مرحلة النجفة نجلس بين أفراد الأسرة والأقارب دون أن يوجه لنا الكلام، سوى: منور يا عمو، أو منور يا جدو، أو منور يا حاج، تعقد الجلسات وتفض دون ان يسمعك أو يلتفت إليك احد، أجيال تتحدث لغة وحكايات ومواقف تبدو غريبة عنك.

ــ تقصد بركة

ـــ مرحلة البركة تلى مرحلة النجفة، المرحلة التى تسبق الموت، تصبح فيها مثل قطعة الأثاث، كما مهملا، الجميع ينتظر موتك.

فى شبابي انشغلت كثيرا بإحساس من تجاوز الستين من عمره بسنوات، وتمنيت أن أعرف: هل يشعر أنه أصبح عجوزا؟، كنت أطرح السؤال بصياغات غير مباشرة على بعض من اعرفهم من كبار السن، وأذكر أننى طرحته فى منتصف الثمانينات، وكنت فى العشرينات من عمرى، على والد احد الأصدقاء بشكل مباشر، كان قد بلغ السبعين من عمره، قال: لا أشعر أننى عجوز سوى عندما أصاب بمرض، أو عندما اشعر بأنني عاجز عن القيام ببعض الأشياء.

الزمن يأكل كل شيء حتى الذاكرة، يترك بصماته على ملامحنا، وقد ينحتها فى أجسادنا، فقد نفد رصيدنا من القوة، ننحنى، ونشعر بآلام فى المفاصل، ويضعف نظرنا، ويثقل سمعنا، ونتعثر عند القيام من مقاعدنا، ونمسك فى الدرابزين عند نزول أو صعود السلم، ونخشى عبور الطريق.

يقال إن الرجل يكتئب عندما يتقاعد، يدرك انه لم يعد له قيمة ولا فائدة، وأن وجوده أصبح مثل عدمه، أولاده يدركون مع الأيام كبره، وضعفه، وعجزه، وقلة دخله المادي، المبلغ الذي يتقاضاه كمعاش بعد أكثر من 35 سنة خدمة، لا يكفى مصروف جيب شاب، بعض الأولاد قد ينصرفون عنه، وقد يتجاوز البعض فى حقه، ويصمت ويتمنى الموت.

ـــ قلت لصديقي: نجفة نجفة بس ربنا يغفر لنا.

صديقى تجاوز الـ 67، ودخل حسب كلامه مرحلة النجفة، يشتكى من المفاصل، وضعف النظر والسمع، وارتفاع الأسعار، وقلة معاشه، والسكر، والضغط، والقلب، ويشعر بملل من تكرار الأشياء والحكايات، ومع كل هذا يسخر من كل شيء، ويضحك على أى شيء، لصديقي مقولة محفورة فى ذهنى، سمعتها منه بعد تقاعده بعدة أشهر، قال: بعد 34 سنة خدمة طلعت بألف جنيه معاش، وبخمس أو ست حكايات هى كل تاريخي، هحكيها فى القعدات، وأتذكر بعضها إذا هاتفنى أحد الزملاء، أعتقد أننى سوف أكتفى بثلاث حكايات فقط.

[email protected]