لعل وعسى
لسنا فى عصر العقيدة ولكن فى زمن معقد يتطلب الاجتهاد العملى والقدرة على التفرقة بين ما هو مثالى وما هو ممكن، وتكمن الصعوبة فى تحديد ما هو ممكن وقبول بعض جوانب القصور فى الأداء الاقتصادى ولكن دون المساومة حول الأهداف الاجتماعية، فالسؤال الرئيسى يتمحور حول جودة اقتصاد السوق، وكيف يكون المستقبل أفضل وأكثر أمانا للجميع.
خاصة بعد أن فقد مشروع العولمة شرعيته نتيجة تحوله إلى مشروع أمريكى لا يقتصر على ترسيخ الهيمنة الأمريكية ولكن فرض نظام اجتماعى وثقافى يتعارض كليا مع الهوية الثقافية للدول صاحبة الحضارات وعلى رأسها مصر والتى مر عليها أكثر من 240 محتلًا لم تتغير هويتها بل أصبغت هويتها على من سعى إلى احتلالها وهنا تأتى عظمة حضارة مصر، وفى إطار حروب الجيل الرابع التى تعتمد على سلاح طمس الهوية الثقافية كأكثر الأسلحة تدميرا وتحاول أمريكا الآن توظيف قيم الحلم الأمريكى فى توافر التقدم الإنسانى والمساواة وحقوق الإنسان والديموقراطية كغطاء لطموحاتها فى الهيمنة الأليفة على العالم لإقامة نظام عالمى جديد تكون أيقونته الوصول لحالة ال Development .نحن الآن فى أشد الحاجة إلى بناء قواعد ومعايير تضمن الحفاظ على الإرث الثقافى العظيم لبلدنا لتحقيق الانتماء والتماسك الوطنى ومواجهة كل أشكال محاولة إحلال الثقافات الأجنبية مكان الثقافة الوطنية. مع ضرورة إحداث تفاعل يضمن خروج حالة التجديد والخلق والإبداع الثقافى المصرى واقتباس ما نراه جيدا فى الثقافات الأخرى حتى لا نقع فى أحد الأمرين خطر التغريب وخطر التحجر. وهذا يتطلب الآن قبل أى وقت مضى ضرورة الخروج من حالة التخلف والتفتت والاختصام إلى حالة احتفاظنا بمنظومة قيم إنسانية أصيلة تبعدنا عن أن نكون فريسة لأطماع الآخرين وهذا يكون بمواجهة كل أشكال التحول التى طرأت على مجتمعنا وأثرت على هويتنا الثقافية ومنها التوجه نحو المدينة وهجر الريف والعمل فى الأنشطة الاقتصادية الحديثة بدلا من الزراعة التى قامت عليها حضارة مصر العظيمة واستقلال الأسرة الصغيرة فى البيت الواحد والاحتكاك المتزايد مع الثقافات الأجنبية والتعرض لوسائل الإعلام. النظام الدولى الجديد بات يمثل تهديدا كبيرا للهوية الثقافية المصرية.
وللحديث بقية.
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام