رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

أقدر أساتذتى وأحترم مَن سبقونى فى مهنة الكتابة وأعرف مكانتهم، لا أتجاوز فى حق أيهم وإن فعلوا، وأعذر سهوهم ونسيانهم. لكننى لا أجامل فى خطأ ولا أبدل معتقدا أو أغير رأيا إرضاء لكبير منهم أو تقديراً لصاحب قلم رائد.

أقول ذلك، وفى قلبى محبة بلا ضفاف لصحفى رائد يبقى رغم كل شىء واحداً من صحافة الزمن الجميل هو الأستاذ عبدالرحمن فهمى، الذى كان قبل أكثر من ستين عاماً يكتب فى جريدة المصرى.

أمد الله فى عمر أستاذنا، وأسبغ عليه نعم الصحة والرضا، وبعد، فإننى أستغرب ما كتبه الخميس الماضى على الصفحة الأخيرة من «الوفد» رافضا بحدة وغير موضوعية قرارا حكوميا بتغيير اسم شارع سليم الأول ليصبح شارع محمد صلاح.

لقد جاء رأيه الغريب مستندا إلى أن سليم الأول رجل عظيم لا يجب نسيان مآثره على مصر، وأنه مهما كان فإن الرجل كان قائد الدولة الإسلامية «العثمانية»، وأنه حرر مصر من المماليك سنة 1517.

فأما الأولى، ففرية يتداولها المتأسلمون منذ عقود كأنها حقيقة دامغة، إذ لم تكن الدولة العثمانية فى أى من عهودها دولة الإسلام المنشودة القائمة على العدل والحرية، وإنما هى تكريس للاستبداد والقهر والظلم باسم الخلافة التى كانت تستغل للتسيّد على بنى البشر.

وأما الثانية فهى مغالطة لفهم حقيقة الاحتلال العثمانى لمصر الذى غيبها قروناً عن العالمين ونهب خيراتها واستعبد ناسها.

ناهيكم عن كون الرجل نفسه (سليم الأول) طاغية من طغاة العثمانيين الذين قام حكمهم على سفح الدماء والغدر بالناس، حتى إن أحدا لم يصدق له عهداً، وللرجل وقائع لا تحصى فى اغتيال الساسة والأمراء حتى إنه قتل شقيقه خنقاً من أجل الحكم وأذل المصريين وقبض على قادتهم الذين رفضوا العدوان وقتلهم بعد أن أمنهم.

ومما تذكره المراجع التاريخية أن الناس فى عهده كانت تدعى على خصومها أن يستوزرهم سليم الأول حتى يقوم بإعدامهم بعد ذلك، وأن أحد وزرائه طلب منه أن يبلغه بتاريخ إعدامه، فقال له إنه يفكر بالفعل فى الأمر، لكنه لا يعرف التاريخ بالضبط إلا بعد أن يجد البديل.

وليس أدل على سخط المصريين على أفعال سليم أنهم اجتمعوا أمام باب زويلة، يبكون شنق خصم سليم الأول، طومان باى، ويقرأون له الفاتحة، بل أنهم أطلقوا على الأمير خاير بك الذى تحالف مع سليم ضد طومان باى، لقباً كان جديراً به وهو «خاين بك».

لذا كله، لا أدرى كيف كتب الكاتب الكبير ما كتب ليقلب القاتل بطلاً، ويغير الهزيمة لنصر، ويُلبس السفاح ثياب القداسة؟

وحسناً فكر المسئولون عندما حذفوا اسم ذلك الغازى الغادر سليم الأول، آملين أن تتوالى مراجعة أسماء الشوارع لتختفى أسماء الغزاة والأعداء والظلمة والتافهين من ذاكرة الوطن، فالقائمة تتسع بجهل لتضم رجلاً غزا مصر مثل قمبيز، وعسكرى إنجليزى محتل مثل كتشنر، ووالى عربى ظالم مثل قرة بن شريك، وشخص مندفع وفاشل مثل صلاح سالم.

لقد اختلف علماء أجلاء مع الشيخ أبى حامد الغزالى يوماً، فقالوا مقولتهم الشهيرة «شيخ الإسلام حبيب إلينا، والحق أحب إلينا من شيخ الإسلام»، وأنا أرى الحق أحب إلىّ من عبدالرحمن فهمى.

والله أعلم.

 

 

[email protected]