عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علشانك يا مصر

ما زال نهر العطاء والخير مستمراً، فقد عاهد أهل بلده وأصحابه بأنه للخير فاعلاً وأنه وعدهم بإنشاء مستشفى لعلاج أصحاب رقيق الحال، وقام خلال شهر رمضان المبارك برعاية الدورة الرمضانية لكرة القدم، استوعب فيها كافة فرق الناشئين بمدينة سمنود.

إنه شاب بسيط عرفته عن قرب، كان جارًا لنا، أراه فى حاله، أبوه رجل طيب القلب لا يتأخر عن خدمة الناس، كان والده رقيق الحال يجرى على أولاده ويسعى على رزقهم، سكن حى المحطة بسمنود وشعر أنه وسط أهله وناسه، كان حمله ثقيلاً ولم يئن ولم يشكُ، عاش لأولاده فقط. استقبل الحياة، بحب ومحبة، أحبه ناس حى المحطة بالكامل، لم يقصده أحد فى مساعدة أو خدمة إلا وقام بها لأهل منطقته وكان الجيران يعشقون مجالسته الرقيقة.

إنه الحاج عبدالغنى حواش، والد الحاج سعيد والحاج أحمد الفنان عصام والمحاسب محمد، فكانوا خير أبناء لأن أباهم كان صالحًا.

وحديثى عن الفنان عصام عبد الغنى الذى بنى حياته بفنه وعقله، فقد تعلم زخرفة الزجاج على يد «أبو صناعة الزجاج» فى سمنود الحاج محمد الحرايرى، فقد شعر الحاج محمد الحرايرى أن هذا الطفل الذى جاء إليه ليتعلم النقش والزخرفة على الزجاج عنده استعداد لأن يتعلم بسرعة وأنه غير أقرانه فلاحظ عليه أنه شديد الاهتمام بعمله وإذا طلب منه عملاً أتقنه بكل محبة واقتدار، فاهتم به الحاج محمد اهتمامًا غير عادى وقربه من مجلسه، وبدأ يوليه اهتمامًا كبيرًا فتعلم على يديه فنون الزخرفة والنقوش وابتكر الفنان عصام رسومات خاصة به، واستشعر الحاج محمد الحرايرى أن عصام له فكر جديد ورؤية جديدة فى عالم زخرفة ونقش الزجاج، فكان يتحدث عنه للقريب والبعيد وأن عصام عبد الغنى فنان فرعاه رعاية الأب لأبنه وتحول عصام إلى حديث المصنع كله وأنه الفنان الذى ينحت على الزجاج لوحات فنية من خياله.

لم يتوقف خيال الفنان عصام عبدالغنى عند هذا الحد، فقرر أن ينحت لوحة لنفسه فى عالم زخرفة الزجاج، واستقل عن مصنع الحاج محمد الحرايرى بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، فاشتغل بنفسه على نفسه، ودخل معترك الحياة العملية.. وكان السند الحقيقى لعصام عبدالغنى السيدة الفاضلة والدته التى وقفت بجانبه فى أحلك الظروف، وكانت تشد على يديه وتقول له «إن مع العسر يسرًا»، فلا تحزن.

كانت والدته بالنسبة له كل الحياة ولم يغضبها يومًا، وظل بجانبها ورعاها رعاية الملائكة، إلى أن انتقلت إلى جوار ربها فى سلام.

بدأ عصام يشق حياته بنجاح يتلوه نجاح، وقد حفر اسمه فى عالم الزخرفة بقوة.. لم يتوقف عند حدود سمنود فحسب، بل زار معظم بلاد العالم التى تهتم بالزخرفة والنحت على الزجاج، خاصة دول التشيك وألمانيا وفرنسا والصين، واكتسب مهارات عالية، وقصَّ علىَّ ذات مرة أنه أثناء زيارته لأكبر مصنع للنحت على الزجاج فى «التشيك» أعجب بماكينة تستخدم فى الحفر على الزجاج فطلب من مدير المصنع أن يجلس على الماكينة وكانت المرة الأولى التى يستخدم فيها هذه الماكينة، ثم حفر على قطعة زجاج لوحة من خياله وأعطاها لمدير المصنع الذى أعجب بها أشد إعجاب، ثم طلب منه عصام أن يصور الماكينة التى عمل عليها وقال له عند العودة إلى مصر سأقوم بتصميم هذه الماكينة فى بلدى، فاشتد إعجاب مدير المصنع بفكر الشاب المصرى وتحولت العلاقة بينهما إلى صداقة دائمة، لدرجة أن عصام دعاه إلى مصر ليرى مصنعه ويرى الماكينة الجديدة التى صنعها عصام على يديه وأضاف إليها بعض التعديلات.

لم يقف فكر هذا الشاب عند هذا الحد، بل استعان بالخبرة «التشيكية»، فاستقدم عددا من الفنانين التشيك المتخصصين فى النحت والزخرفة على الزجاج ليعلموا ويصقلوا مواهب المصريين العاملين بمصنع أبو هانى بسمنود، وقد ذاعت شهرة عصام عبدالغنى فى جميع مصانع التشيك المتخصصة فى النحت، لدرجة أنهم يستعينون به فى بعض الأعمال النفيسة باهظة الأثمان.

لم يتوقف «أبوهانى» عن الابتكارات فى جميع منتجاته وأصبحت من العلامات المهمة فى الصناعة المصرية.

لقد أخذ عصام «أبوهانى» على نفسه عهدًا بعد وصاية والدته عليه أن يكون للمنكسرين جابرًا، فلم يرد أبدًا أحدا ببابه، وقد أعد بناء مستشفى كبير على أن يكون العلاج به مجانًا لأبناء بلده سمنود.

وفى لقاء معه قال لى: إن الله سبحانه وتعالى يرعى من يرعى أصحاب الحال الرقيق.