عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

عندما نكتب عن مشكلة أو ظاهرة ما، نواجه معضلة كبيرة تستعصي على الحل، خصوصًا في ظل نظرية «مع أو ضد»، التي تضطرنا معظم الأحايين إلى النأي بأنفسنا عن الطرح.. حتى لو كان بلطف شديد، ونقد مهذب!

ومن هذا المنطلق الذي يكون فيه الحياد ممنوعًا، والموضوعية غير مقبولة، والنقد البنَّاء تجاوزًا وخروجًا عن المألوف، فإن «إيثار السلامة» قد يبدو أمرًا معقولًا وفطريًا، بدلًا عن مواجهة المسبَّات واللعنات والتُّهم الجاهزة من بعض «المؤلفة قلوبهم».

ما يدفعنا إلى كسر هذه القاعدة و«الخروج عن النص»، هو تلك الحملة «الظالمة» التي طفت على السطح خلال الأيام الفائتة، واحتلت حيزًا كبيرًا في الإعلام، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ضد السوريين المتواجدين في مصر، وأحدثت حالة من الجدل، لم تنتهِ آثارها بعد.

تلك الحالة بدأت بتقديم بلاغ للنائب العام ضد السوريين المتواجدين على أرض مصر، احتوى على مغالطات، ومبالغات، ومهاترات، وكلام مُرسَل، وإحصاءات وأرقام غير دقيقة، ومخاوف «غير مشروعة»، أعقبها انتشار حملات على مواقع التواصل، تحذر منهم، حتى وصل الأمر لاتهامهم بالانتماء إلى الإخوان المسلمين!

نتصور أن أي اتهام يجب أن يكون مقرونًا بأدلة، وليس محض افتراءات، خصوصًا في ظل تضارب أعداد السوريين، حيث تشير إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن عدد المقيمين في مصر المسجلين لديها يبلغ 130 ألفًا، بينما تتحدث التقارير المصرية إلى أن عددهم يتراوح ما بين 250 إلى 300 ألف سوري.

السوريون شعب مهذب ومبدع وخلاق، يقدس قيم العمل، وقادر على المنافسة، ولذلك نعتقد أنهم لم يشكلوا أي عبء على مصر التي استضافتهم، ولا يكلفون الميزانية قرشًا واحدًا، كما أنهم لا يشكلون أي تهديد لخارطتنا الديمغرافية.

أما هؤلاء الممتعضين «الوطنيين» الذين يسوؤهم تواجد أشقائنا السوريين فيجب عليهم إدراك أن ألمانيا استوعبت مليون لاجئ، وتركيا تستضيف أكثر من أربعة ملايين منهم، وباتوا من أعمدة عجلة الاقتصاد في الدولتين.

هل من العدالة والإنصاف «إنسانيًا» أن ندير ظهورنا لهؤلاء الأشقاء المُنتجين الفاعلين والمستثمرين في بلادنا، أو نحرِّض على ترحيلهم، بعد أن ضاقت عليهم بلادهم بما رحبت؟

نتصور أن هناك حقيقة راسخة مفادها أن العالم كله يعترف بفضل مصر على الأمتين العربية والإسلامية، على مرّ العصور «تعليمًا، وصحة، وثقافة، وإبداعًا»، بل وتضحيات مغموسة بالدم في خدمة قضاياها العادلة، ولذلك فإن الرافضين لتواجد السوريين هم نسبة ضئيلة جدًا من الشعب المصري، الطيب العظيم، ولا يمثلون إرثه الحضاري.

إن التجربة السورية في مصر أثبتت ـ ولا تزال ـ نجاحها، في الوقت الذي يحاول آخرون وأدها، تارة باسم التخوفات الأمنية وأخرى باسم المخاطر الاقتصادية، ورغم بعض التضييقات التي تُمارَس ضدهم، إلا أنهم يواصلون مسيرة النجاح، غير ملتفتين لمعاول تحاول هدم ما نجحوا في ترسيخه طيلة سنوات.

أخيرًا.. المصريون هم أكثر شعوب المنطقة حبًا لأشقائهم العرب والمسلمين، والسوق المصرية مفتوحة وتستوعب الكثير من المشروعات والتجارب، لكننا نطرح سؤالًا على هؤلاء «المنتفضين الغيورين على مصلحة الوطن»: لماذا ينجح السوريون في مصر، وماذا عن وجود أكثر من ثمانية ملايين مصري يعملون في دول الخليج، وحوالي مليوني شخص في الأردن، ومليون في ليبيا؟

[email protected]