رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم يكن غريباً أن ينتهي الاجتماع السداسي الأخير حول سد النهضة بالخرطوم والمكون من وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان واثيوبيا بالفشل، فقد كان هذا الفشل متوقعاً وعدم الخروج بنتائج كان متوقعاً أيضاً، فان اثيوبيا لا تبحث عن حلول لأزمة السد.. وكل ما تفعله هو أن تماطل وتماطل، مستفيدة من الوقت حتى يصبح السد أمراً واقعاً.. وحسناً فعلت مصر عندما أعلنت أن الاجتماع القادم بعد اسبوعين هو نهاية التفاوض على المسائل الفنية.. حيث حددت مصر بأنه اذا لم تستجب اثيوبيا للطلبات المصرية الخاصة بحجم السد وسنوات ملئه وتشغيله وسلامته، فإن مصر ستتخذ منحى آخر في مسألة السد بتصعيد المسألة دولياً.. وقد أكدت مصر نقطتين مهمتين في ذلك الأمر.. وهو وقف جميع  الانشاءات في السد لحين الانتهاء من المفاوضات وأيضاً  الاتفاق المباشر على وثيقة دولية من الدول الثلاث «مصر والسودان واثيوبيا» وبموافقة برلمانات الدول الثلاث وتوقيع رؤسائها للاتفاق على بنود وسياسات تشغيل السد وملء بحيرة التخزين خلفه.

وأكاد أقول جازماً أن اثيوبيا سترفض الشروط المصرية وأن السودان ستفعل نفس الأمر.. فقد تأخرنا كثيراً في حسم مسألة بناء السد، واللجوء الى المكاتب الفنية ذلك الأمر الذي تلاعبت به اثيوبيا تماما، وكل هدفها استكمال بناء السد بشروطها هى بعيداً عن المصالح المصرية وحتى السودانية.

وحكاية سد النهضة مع مصر تمتد منذ الستينيات عندما أعلنت اثيوبيا نيتها بناء سد بتمويل امريكي، وكان الأمر بمثابة عقاب ضد مصر من امريكا لقيامها ببناء السد العالي ورفض الشروط الامريكية في بنائه، ومن ثم لجوء مصر الي روسيا لاقامة السد، ولكن عبدالناصر هدد وقتها بأنه لن يسمح باقامة سد في اثيوبيا يحجز المياه عن مصر، خاصة في ظل وجود مياه امطار وفيرة تجعلها ليست في حاجة الى ذلك السد، ونفس الأمر تكرر في عهد السادات الذي هدد بنسف السد في حالة اقامته، وعندما صرحت اثيوبيا للمرة الثالثة ببنائها السد في عهد مبارك فقد هدد أيضاً بقصف السد مستخدماً الاراضي السودانية في ذلك، ولم تمانع السودان وقتها وأعنت تضامنها مع مصر، فكان أن توقف مشروع السد الاثيوبي، غير أن اثيوبيا وجدت الفرصة سانحة بعد قيام ثورة 25 يناير فبدأت في بناء السد دون أن تتدخل مصر بأي شكل بسبب انشغالها باحداث الثورة، ثم بعد حكم مرسي والاخوان اجتمع مرسي ببعض الشخصيات المصرية لمناقشة أمر السد.. وهدد البعض في اجتماع رسمي بقصف السد أو تمويل المعارضة في اثيوبيا لقلب الحكم دون أن ينتبهوا الى أن الميكروفونات وشاشات التليفزيون تعرض الاجتماع علي الهواء، فكانت فضيحة استفادت اثيوبيا منها لأقصى حد لتظهر للعالم أن مصر تهددها بالضرب أو بإثارة القلاقل لمنع بناء السد.

ومع مجئ السيسي تغير الأمر، فلم تعد لغة القوة والتهديد بنسف السد مقبولة عالمياً خاصة في ظل تربص الدول الكبرى وقتها بمصر ورفضها لحكم السيسي، ولهذا لجأ السيسي الى سياسة المفاوضات، ولكن يبدو أن المفاوضين المصريين كانوا حسني النية، ولم يدركوا هدف اثيوبيا من المفاوضات والتأجيلات المستمرة وتطفيش المكتب الاستشاري الهولندي حتى ينفرد المكتب الفرنسي وحده بإعداد دراسات السد خاصة، وأن ذلك المكتب الاستشاري الفرنسي ولاؤه بالكامل لاثيوبيا بسبب وجود أعمال كثيرة له في اثيوبيا وهو ما رفضته مصر ولكن بعد أن انتهت اثيوبيا من اقامة 40٪ من جسم السد.. حيث عادت المفاوضات المصرية الاثيوبية الى نقطة الصفر.

وكانت السودان هى رمانة الميزان في الفترة الاخيرة ضد مصر في مسألة بناء السد.. فقد تحولت السودان الى موافقة اثيوبيا على كل ما تقوله.. بل وساعدت في إرجاء المفاوضات الثلاثية اكثر من مرة بحجة انشغال وزير خارجيتها بزيارات خارج السودان.

وبالرغم من أن السد يحمل مخاطر ضد السودان اكثر من مصر في حالة انهياره، فإن السودان لاتزال تمارس سياسة العناد بل انها بدأت تفتعل المشاكل مع مصر بحجة تعذيب سودانيين في مصر، بل وبدأ المصريون في السودان يتعرضون للضرب والاعتداء من السودانيين اضافة الى مطالبة السودان باستعادة حلايب وشلاتين من مصر والشكوى لمجلس الأمن ضد مصر في هذا الامر، في حين تركت السودان لحكومة جنوب السودان، ما يقرب من نصف مساحة السودان لإقامة دولة جديدة في الجنوب.

والسودان بذلك تلعب لعبة خطرة ليست في مصلحتها على المدى الطويل ومما لا شك فيه أن مصر قد اخطأت بتصعيد الأمور في السودان علي هذا النحو كان يجب عليها احتواء الجارة الشقيقة في ظل المؤامرات الاثيوبية، فهل فات الاوان علي ذلك حتى تعدل السودان من موقفها، لتكون عنصر ضغط على اثيوبيا قبل تدويل القضية؟