عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

من اللافت للنظر ومن الغريب فى نفس الوقت، أن هناك شبه اجماع على أن الاهمال والرشوة والمحسوبية والفساد تكاد تتركز فى معظم الأحوال فى جهة واحدة فقط فى مصر وهى المحليات والادارات المحلية !ومع توالى الوزارات واحدة بعد أخرى وتوالى المحافظين واحدا بعد آخر نسمع ما يسر فى هذا الملف ولكن سرعان ما نرى فى الواقع عكس ذلك، إذ تظل الأمور على حالها وربما تزداد سوءا ولم تتخذ الدولة المصرية حتى الآن من الاجراءات الحاسمة ما يوقف هذا التدنى فى الخدمات المحلية المقدمة للمواطن! والحقيقة المرة فى هذا الملف أنه هو الأقرب للمواطن وهو فى ذات الوقت الترمومتر الحقيقى لقياس تقدم الأمم، إذ بدون أن تتحسن بيئة الحياة للمواطن العادى فى الشارع والحى والقرية التى يسكن فيها سيظل يشعر بأنه بعيد عن اهتمام الدولة وبأن أحدا لا يرعاه أو يهتم به بالفعل!

ومن المعروف للقاصى والدانى فى مصرنا المحروسة بعناية الله  - وليس بعناية محافظيها ورؤساء المدن والأحياء فيها - أن السادة المسئولين فى المحليات لا يهتمون بنظافة وتجميل الشوارع إلا إذا عرفوا أن زيارة رسمية ستتم للمنطقة وعادة ما لا يهتمون فيما عدا ذلك إلا بنظافة وتجميل الشوارع والمحاور الرئيسية ومداخل المدينة. ومن المعروف أن معظم المرافق الصحية والتعليمية ومرافق البنية التحتية من صرف صحى وطرق ومياه وكهرباء وتوصيلات الغاز وغيرها تعانى الاهمال الشديد فى الأحياء الداخلية فى المدن والقرى  والنجوع، وكم نجد أهلنا يشتكون ويئنون من الشكوى للمسئولين المحليين ولا مجيب اللهم إلا اذا أشارت احدى المحطات التليفزيونية أو الاذاعية أو احدى الصحف إلى مشكلة هنا أو مصيبة هناك فيسارع المسئولون إلى حلها لإبطال أسباب الشكوى الوقتية وسرعان ما «تعود ريما لعادتها القديمة» ويعود كل شىء على حاله من الاهمال والتسيب!!

والطريف أنه لم ينج من ذلك ما كان يسمى المدن الجديدة مثل اكتوبر والشروق والسادات وغيرها بعد أن تحول الاهتمام المركزى من الدولة بالمدن الأحدث مثل العاصمة الادارية الجديدة والعلمين والجلالة وغيرها فقد أصبح التركيز على هذه المدن وطرقها وحدائقها ومرافقها ومبانيها ونسينا المدن الأخرى، فالمسئولون الحكوميون المحليون عندنا دائما ما يجلسون فى مكاتبهم منتظرين التوجيهات الرئاسية أو المصائب القدرية لتدفعهم إلى التحرك وسرعة الانجاز وفيما عدا ذلك فدولاب العمل يسير روتينيا يعانى التسيب والاهمال ويفتقد الفاعلية والمتابعة والانجاز!

والحل يا سادة هو فى تغيير ثقافة مسئولى المحليات من المحافظين إلى رؤساء المدن والاحياء والقرى؛ فهم لم يتولوا وظائفهم ليجلسوا خلف المكاتب بل تولوها لينجزوا مشروعات التنمية والتقدم فى كافة الاتجاهات وفى كل المجالات لتحسين حياة مواطنيهم والعمل على راحتهم واسعادهم! وكأننى الآن بمن يقرأ منهم الآن يبتسم ضاحكا على كلمة «وإسعادهم» ويقول : من يسعد من؟! فالمعادلة عندنا مقلوبة، إذ إن المسئول هو الذى ينتظر أن يسعده المواطن بالتزلف والشكوى والهدايا أو قل ببساطه بالرشاوى!!

وربما يكون حل هذه المعضلة - بعد تحديث القوانين والتشريعات وتغليظ العقوبات على الفاسدين والمفسدين - فى «طابور الصباح» فلو كنت مكان وزير التنمية المحلية لاشتريت لهؤلاء المسئولين وأنا معهم ملابس رياضية وتعاهدنا على أن نبدأ عملنا فى موعده الرسمى تماما بخطة يومية مدروسة يمر كل منا على مدينته أو حيه أو قريته ليعرف ويتابع ما يحدث فيها على أرض الواقع فى كل الجهات التابعة له والمفروض أنها تحت اشرافه، وليكافئ بعد ذلك المجد وليعاقب المقصر ، وقبل ذلك وبعده يجعل الجميع من عامل النظافة الموجود فى الشارع وحتى كبار المسئولين فى المدينة أو فى المحافظة فى كل المجالات يحسون أن ثمة متابعة يومية للعمل، وحينما يعود المسئول فى تمام الثانية عشرة مثلا إلى مكتبه فهناك وسائل حديثة للمراقبة والتواصل مثل الكاميرات التى ينبغى أن توجد فى كل الجهات الحكومية ليراقب من خلالها كل مسئول ما يدور داخل المكاتب والشوارع والمستشفيات التابعة له وهناك الفيديو كونفرانس الذى يمكن أن يتواصل من خلاله بشكل مرئى ومباشر مع كل العاملين معه لمتابعة العمل ومعدلات الانجاز ومدى جودة الخدمة للمواطن الذى نعمل على راحته واسعاده وأكررها ثانية لإسعاده. فالحقيقة التى ينبغى أن يدركها الجميع أن كل المسئولين الحكوميين من رئيس الحكومة إلى أصغر موظفيها  هم فى خدمة المواطن وينبغى أن يجتهدوا ويعملوا بكل جد واجتهاد لإسعاده لأنه لو شعر بذلك سيكون هو الآخر واحدا من المنتجين المبدعين  ومن صناع السعادة لغيره. هذا هو معيار التقدم وهذا هو أسلوب الحياة فى المجتمعات البشرية الأكثر تقدما وهى فى ذات الوقت الأكثر سعادة. فهل آن لنا أن نعمم دعوى الرئيس السيسى للعمل منذ السابعة صباحا مع طابور الرياضة الصباحى واستنهاض الهمة لنبنى بلدنا بحب ونسعد أنفسنا وأهلنا؟!

[email protected]