عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

 

غلى الدم فى عروقى، وأمطرت مدرسين رحمات بطريقة هيستيرية وتضرعت أن يرحمهما الله سواء أحياء كانوا أو من قضى منهم نحبه، وأنا أقرأ سطور قضية مدرس منشأة القناطر هذا, كعادتى عندما أقرأ سطور قضايا معينة ومنها ما يمس الأمانة وخيانتها، قد يقول قائل إن كل القضايا بها خيانة أمانة أياً كان نوعها، فأوافقه الرأى، لكن ما أقصده بالخيانة التى أتحدث عنها هو أن هناك مهناً يجب أن تنتفى منها هذه الجريمة نهائياً وألا يرتكب القائم عليها أى جرم فى حق المتعامل معه، ومنها ألا يتحول المدرس إلى ذئب بشرى ينهش لحم تلميذته الصغيرة التى سلمتها له أسرتها وعينته الوزارة لتربيتها قبل تعليمها العلم الدراسى والمنهجى، وإلا ما كانت سميت الوزارة بوزارة التربية والتعليم وأطلق عليها أساطين العلم مسماها هذا.

وأيضاً الطبيب الذى يخون الأمانة مع المريض سواء ذكراً أو أنثى وهو قابع بين يديه مريض لا حول له ولا قوة باحثاً عن الشفاء، ليستولى من تسول له نفسه على بعض أجهزته أو يصور مرضاه أو يتحرش نفر منهم ببعض المرضى.

وهذه الأمثلة لتلك القضايا مدون بعضها بسجلات المحاكم، فبعض المهن الحساسة مثلما ذكرناه لا تحتمل أية خيانة لأنها تكون قاتلة وتصيب المجنى عليه فى مقتل حتى وإن ظل على قيد الحياة لكنه على الأقل قتل معنوياً ونفسياً.. إذن فما هى الحكاية فقد حاولت مراراً أن أتغاضى عن تناول تلك القضية سوداء السمعة كتابة لكن ظلت تشدنى الفكرة فى تناولها فى هذه الزاوية وأبت أن تزول من رأسى ليلاً ونهاراً عقب صدور حكم المحكمة التأديبية العليا، فالقصة وما فيها هى أن المحكمة التأديبية بمجلس الدولة أصدرت حكمها أول هذا الأسبوع بفصل مدرس لغة عربية بإحدى المدارس الابتدائية التابعة للإدارة التعليمية بمنشأة القناطر بالجيزة، بعد ثبوت ارتكابه وقائع تحرش ببعض تلميذات الصف السادس وما انتهت إليه تحقيقات النيابة الإدارية إلى صحة الوقائع المنسوبة للمتهم، وأنه تحرش جنسياً ببعض التلميذات داخل معمل الأوساط، وبفناء الدور الثانى بالمدرسة الابتدائى.

يا للهول ابتدائى يا ظالم يعنى التلميذة «لا بتهش ولا بتنش» ولا تستطيع المقاومة بل يمكن أن يقتلها الرعب والخوف، فالمدرس المتوحش هذا يعمل معلم أول لغة عربية بإحدى المدارس الابتدائية وباختصار ما فعله هو ما قررته واحدة من المجنى عليهن، قررت التلميذة أنه فى نهاية العام الدراسى والمدرس كان يقوم بالتدريس لها، وحدث أن طلب منها التوجه إلى المعمل المسئول عنه لرؤية ما إذا كان هناك أتربة بالمعمل من عدمه، وأعقب ذلك دخوله خلفها وأغلق الباب، وأشار لها بالنظر إلى لوحة بها المجموعة الشمسية معلقة على الحائط، وطلب منها ملامسة كوكب زحل وهى حاولت ولم تستطع، وقام بعدها بالتحرش بها وأكدت أنه حاول تكرار ذلك وطلب منها التوجه إلى المعمل بعد ذلك، إلا أنها رفضت، بل رفضت الذهاب نهائياً إلى المدرسة، مضيفة أنها أخطرت عمتها بذلك.. وعقب الحكم عليه وصفته المحكمة فى حيثيات حكمها أن هذه العينة من المدرسين الذين ائتمنوا على الطالبات خانوا الأمانة، وإنما لا يعبثون فقط بما حرمه الله ومنع فعله وأنهم لا يرتكبون فقط فعلاً شنيعاً محرماً نهت عنه كافة الأديان السماوية، إلا أنهم أيضاً يعبثون ويدمرون حياة كاملة للطالبات الذى أوقعهم سوء حظهم العاثر فى قبضة هولاء المجرمين من أية مشاعر إنسانية ممن استحلوا هتك الأعراض دون رقيب أو حساب أو خوف من رب العباد، وأضافت المحكمة أنهم يقدمون إلى الوطن جيلاً مشوهاً نفسياً وجسمانياً سوف ينشئ فى ظل الخوف والرعب والرهبة من التعامل أو الاحتكاك بصنوف البشر لما تعرضوا إليه فى عمر الطفولة وأن المتهم لم يراع لا حرمة الدين أو قدسية المكان أو أن أولياء الأمور استأمنوه على حياة هؤلاء الأطفال نفسيًا وعصبيًا وثقافياً، وانتهى الحكم إلى هنا ولكن هل تكتفى الوزارة بهذا القدر ولما لا تحيله للنيابة العامة لينال عقابه جنائياً، ولكنه الآن حراً طليقاً ليبدأ رحلة البحث عن ضحايا جدد، فهل هذا يرض ربنا، لله الأمر من قبل ومن بعد.