رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

أعلنت البيوت المصرية حالة الطوارئ القصوى بداية من اليوم حتى انتهاء امتحانات الثانوية العامة، وإذا كان عدد طلاب السنة الثالثة ثانوى الذين سيؤدون الامتحانات حوالى 659 ألف طالب وكسور على مستوى جميع المحافظات، فإن الـ100 مليون مصرى مضطرون إلى متابعة أخبارهم متدرجين من الأسرة، والأصدقاء، والأقارب، وزملاء العمل، التهانى بعيد الفطر كانت مشمولة بعبارة الولد عامل إيه فى المذاكرة، والبنت بتذاكر ولا شاغلينها فى ترتيب سفرة الإفطار، مسكين الذى له ابن فى الثانوية العامة، 12 شهراً لا صوت يعلو فيه على صوت سلاح التلميذ وشخللة الجيوب لدفع ثمن الدروس الخصوصية التى اقتطعتها معظم الأسر المصرية من ميزانية البيت، ثمن الدرس فى مقدمة قائمة المصروفات مفضل على الأكل والدواء والملابس، حق المدرس الخصوصى محفوظ فى «صرة» خاصة مكتوب عليها من الخارج ممنوع الاقتراب أو التصوير حتى يأتى الأستاذ ويتسلم الأمانة، عبء ما بعده عبء يحمله أولياء الأمور فوق أكتافهم اسمه الثانوية العامة أطلقوا عليه أوصافاً تدعو إلى الخوف، فى مقدمتها «البعبع» وأطلقت بنت جارتنا على مدرس أخيها «أبورجل مسلوخة» عندما قامت بفتح الباب للطارق، وسألتها أمها: مَن على الباب؟ بكل تلقائية ردت البنت: «أبورجل مسلوخة يا أمه».

طبعًا هذا عيب ولم يعجب الأم، لكن بالذمة، هذا النوع من المدرسين الجشعين يستحقون أن نقف لهم ونوفهم التبجيلا، هل يستحق هؤلاء أن يرثوا الأنبياء، أباطرة الدروس الخصوصية يتحملون المسئولية الأكبر فى فشل العملية التعليمية، وتزويغ الطلاب من المدارس، ليتم استدراجهم إلى أوكار الدروس لاستنزاف الأب الشقيان ولهف 60 مليار جنيه فى العام الدراسى من دم الغلابة، ولم يستطع أحد إيقاف هذا النهب باسم رفع مستوى التلميذ، وتأهيل البعض للالتحاق بكليات القمة، وفشلت كل محاولات وزارة التربية والتعليم فى التصدى لفرعون الدروس، وسألوه يا فرعون من فرعنك؟.. قال: ملقتش حد يواجهنى.

وعندما فشلت «الوزارة» التى كانت تدير العملية التعليمية من المغارة فى ضبط ثالثة ثانوى، وضعت نقطة وبدأت من أول السطر، وتبنت منظومة تعليم جديدة تقضى بها على الدروس الخصوصية وتنهى نظام التعليم الذى يعتمد على الحفظ والتلقين، وبدء نظام آخر يعتمد على الفهم والإبداع، وكان من ثمرة هذا النظام ظهور أولى ثانوى، التى تحولت إلى «بعابيع» وليس بعبعًا واحداً، تحولت أولى ثانوى إلى صدمة أكبر للطلاب وأولياء الأمور، وسحبت البساط من ثالثة ثانوى، من يرى بلوة أولى ثانوى هذا العام، تهون عليه بلوة ثالثة.

الامتحان اليوم، ويوم الامتحان، يُكرم الطالب أو يهان، يُكرم المذاكر، الذى ينظر إلى ورقته فقط، ويجيب عن الأسئلة من مخزون المعلومات الاستراتيجى الذى يحتويه مخه، أما من يحاول الغش فوزارة التعليم أعدت له خمس عصيان إلكترونية، فى كل مدرسة تستخدم للتأكد من عدم وجود وسائل إلكترونية للغش، كما حذرت من اصطحاب الطلاب للمحمول، ونسّقت مع مباحث الإنترنت لضبط صفحات الغش على مواقع التواصل الاجتماعى، ويواجه الغش بكافة أنواعه بعقوبات شديدة فى القانون تصل إلى السجن والغرامة، وإلغاء امتحانات الطلاب الغشاشين.

لا نملك فى هذا اليوم الذى يبدأ فيه أبناؤنا الامتحانات التى تمتد إلى أيام عديدة إلا أن ندعو الله أن يمنحهم القدرة على الإجابة، وأن يجعل ذاكرتهم حاضرة، ومستوعبة للأسئلة، ونرجو أن يكون واضعو الأسئلة قد تخلوا عن أسلوب الفذلكة والالتفاف حول المنهج الدراسى.

كما نتمنى على المستوى البعيد أن ينجح نظام الثانوية العامة الجديد الذى نأمل من ورائه القضاء على البعبع المخيف، والمعلم السخيف، وأن يغلق تماماً حقل التجارب ونصل إلى نظام التعليم الدائم.

وأن نتعامل من العام القادم مع نوعية من المعلمين تخاف الله، وتجعل محل عملها المدرسة وليس الأوكار، اللهم آمين.