عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

قبل أيام، تم اختيار أحد أهم الاقتصاديين الأكثر متابعة في العالم، العالم المصري محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين لدى شركة «أليانز»، رئيسًا جديدًا لكلية كوينز بجامعة كامبريدج.

هذا الخبر المثير، لم يلقَ صدىً في الأوساط الأكاديمية البحثية أو الإعلامية المصرية ـ كما توقعنا ـ رغم أنه إنجاز فريد غير مسبوق!

لم نعثر على أي تصريح رسمي، أو أي أثر يُذكر لموجة التعليقات «الوطنية» المعتادة، تجتاح منصات التواصل الاجتماعي، سواء من خلال «بوست»، أو حتى «تويتة»، كما هي الحال في فبراير الماضي، عندما اجتاحت عاصفة الأفراح والليالي الملاح، على مدى أسابيع، في محاولة «بائسة» لربط فوز الأمريكي رامي مالك بجائزة الأوسكار بأثر الجينات المصرية!

ما يؤسف له أن هذا الإنجاز الفريد، لم يجد انتشارًا كبيرًا أو احتفاءً يليق بهذه الشخصية العبقرية، رغم أن المصريين على مدى عقود، يحاولون جاهدين تلمس أي شيء إيجابي، في محاولة لـ«التمسح» بأي إنجاز لم يكن لهم فضل أو سبب في تحقيقه أو دعمه!

كنت أتوقع أن يكون خبر اختيار العريان ـ في هذا المنصب الرفيع عن جدارة واستحقاق ـ متصدرًا الـ«تريند» الأول، في مصر والعالم العربي، عبر السوشيال ميديا، لعدة ساعات على أقل تقدير، لكن للأسف، الجميع مشغولون بتوقف «شيخ الحارة» أو مقالب «رامز في الشلال» أو توابع «زلزال محمد رمضان»!!

نجاح «العريان» بدأ بشكل لافت في 2008، حين استعان به الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، في الأزمة الشهيرة التي ضربت الاقتصاد الأمريكي والعالم، حيث أُدرج اسمه لأربع سنوات متتالية على قائمة مجلة «فورين بوليسي» لأهم 100 مفكر عالمي.

«العريان» تولى مناصب رفيعة في صندوق النقد الدولي لمدة خمسة عشر عامًا، كما فاز بجائزتي فايننشيال تايمز وگولدمان ساكس في أكتوبر 2008، ويمتلك خبرة تجاوزت الثلاثين عامًا، ليتربع بعدها على عرش أشهر المحللين الاقتصاديين والماليين المرموقين في العالم.

المنصب الجديد الذي سيتولاه «العريان» يُثير من جديد ضرورة وجود نقاش علمي جاد حول هجرة الأدمغة إلى مجتمعات «متحضرة»، وما يمكن أن تصنعه في صقل المواهب والمبدعين.

إنها قضية في غاية الأهمية، تلك التي تتعلق بهجرة الكفاءات والمبدعين، فبدلًا من الاستفادة من هؤلاء والحفاظ عليهم والإعلاء من شأنهم، نرى دولًا أخرى تُقدم لهم إغراءات يسيل لها اللعاب، لكسبهم والاستفادة منهم في نهضتها!

نتصور أن أغلب العقول ومعظم المبدعين والمتميزين، يهاجرون من مجتمعنا «الطارد»، بسبب عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، ليجدوا ـ للأسف ـ أوطانًا بديلة، تُعلي من شأنهم وتحتضنهم، اعترافًا بقيمتهم وكفاءتهم!!

ربما يفتح موضوع هجرة الكفاءات المتميزة بابًا واسعًا للنقاش حول غياب التخطيط العلمي السليم، وقلة الإنفاق على البحث العلمي، مقارنة بالإغراءات الخارجية التي يسيل لها لعاب أي باحث، مقارنة بما قد يتقاضاه في بلادي!

يجب الاعتراف بحقيقة أننا على مدى عقود، نعاني من تراكم موروث الفساد والمحسوبية والبيروقراطية، مع عدم إتاحة الفرص، أو الاحتواء والاستفادة من الخبرات والمهارات، إضافة إلى إلحاق الكفاءات بأعمال لا تتلاءم مع خبراتهم ومهاراتهم وتخصصاتهم!

أخيرًا.. نعتقد أن الريادة العملية والتكنولوجية في الخارج لم تأتِ من فراغ، أو بضربة حظ، ولذلك يجب التخطيط بشكل جديد ومختلف، للحفاظ على أصحاب الكفاءات العملية والفكرية والأدبية، وألا نكتفي فقط برفع الروح المعنوية والشعارات والأغاني الوطنية!!

[email protected]