رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

صعّد ترامب الحشد العسكرى المبالغ فيه فى تحدٍ لإيران ظناً منه بأنه بذلك يمعن فى تهديدها بإمكانية توجيه ضربات استباقية لها.

بيد أن إيران لم تجزع ولم يعتريها الخوف. على العكس رأت أن ما تعكسه كل هذه التحركات ليس إلا ارتباكاً أمريكياً بعد أن غابت إستراتيجية واضحة أمام ترامب للتعامل معها. غير أن أمريكا مضت فى غلوائها وأعلنت إرسال 1500 جندى أمريكى إلى القواعد الأمريكية فى المنطقة.

ويأتى هذا بعد أن كان قد ورد مسبقاً أن البنتاجون بصدد إعداد خطة لنشر مائة وعشرين ألف جندى فيها، وغاب عن أمريكا أن هذه الشريحة المحدودة وقوامها 1500 جندى لا يمكن أن تؤمن الحماية للقوات الأمريكية الموجودة فى المنطقة والتى يصل تعدادها إلى أكثر من سبعين ألف جندى موزعة فى الدول بدءاً من أفغانستان وانتهاء بالعراق، وبالتالى فمن الصعب على ألف وخمسمائة جندى مجابهة أية تهديدات فى المنطقة.

ورغم الحشد العسكرى الأمريكى المبالغ فيه، ورغم تصعيد التهديدات باستهداف إيران إلا أن كل المعطيات تشير إلى أن إدارة ترامب لن تقدم على عمل عسكرى لخشيتها من أن تخوض حرباً غير واضحة المعالم، لا سيما وأنها إذا اندلعت ستكون حرباً غير مضمونة النتائج. يعزز هذه الفرضية أن ترامب سبق وأن عارض من قبل حرب العراق بل وطالب بسحب القوات الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط. وحتى وهو يدرك أن بإمكان الولايات المتحدة خوض حرب على غرار ما فعلته من قبل فى العراق، إلا أنه لابد أن يدرك بأنها إذا غامرت وخاضتها ستخرج منها حتماً مثخنة بالجراح. وعندئذ ستجازف بسقوط هيبتها والتى هى فى أشد الحاجة إليها أمام الدول التى شرعت اليوم فى منافستها كالصين، بل وأمام أسلحة فى المنطقة يصعب عليها فك شفرتها.

ولقد تأكدت هذه المخاوف الأمريكية عندما انسحبت حاملة الطائرات «ابراهام لينكولن» التى أرسلها ترامب إلى الخليج بحيث باتت ترابط الآن على بعد 700 كيلومتر من السواحل الإيرانية البحرية خشية من أن توجه إليها الصواريخ الإيرانية فتدمرها.

لقد ترتب على إدارة ترامب اليوم ألا تستهين بالقدرات العسكرية الإيرانية من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى القادرة على إصابة أهدافها، بالإضافة إلى امتلاك إيران لصواريخ بحرية متقدمة جداً. أى أن الردع المتبادل كان كفيلاً بإخماد جذوة اندلاع حرب فى المنطقة، لا سيما وأن المحصلة لأى حرب ستكون وبالاً على من يخوضها.

ولهذا تراجع ترامب عن خيار التصعيد، فبعد أن هدد جون بولتون بإرسال 120 ألف جندى تضاءل الرقم، وأصبح 1500 جندى لحماية القواعد الأمريكية الموجودة فى الخليج.

أى أن مهمتها دفاعية وليست هجومية.

وبذلك تكون أمريكا هى التى تراجعت وعمدت إلى احتواء الأزمة.

ويثور التساؤل: إذا كان الأمر كذلك فلماذا صعدت أمريكا الأمور ضد إيران إلى الذروة؟ والمؤكد أنها فعلت ذلك لغرض فى نفس يعقوب، فلقد عمدت إلى إشغال إيران وحلفائها عن الجهود الحثيثة التى تقوم بها من أجل تمرير ما يسمى بصفقة القرن، واستثمار هذه الأزمة فى محاولة لإدماج إسرائيل كقوة إقليمية وإخراج إيران من معادلة الفعل الإقليمى، بيد أن محاولتها ستبوء بالفشل الذريع.