رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

تثير قضية صناعة المستقبل مشكلة التخطيط والإعداد للمستقبل فإذا كان من الصحيح أننا نختار المستقبل بأفعالنا اليوم فإننا فى حاجة دائمة ومستمرة للتخطيط والإعداد للمستقبل، قد يكون فشلنا فى تجربة التنمية فى النصف الثانى من القرن الماضى راجعة إلى أخذنا بنظام التخطيط المركزى الذى طبقناه مركزياً وليس تخطيطياً لنبتعد عن ضمان مشاركة الجميع أفراد ومؤسسات.

ومع الأخذ بالنظام المركزى لم تقم الدولة بدورها المركزى فى تطوير الصناعة والقائمة على ثلاث ركائز تمثل مثلث تطوير الصناعة وهى: أولاً: بناء قواعد صناعية، خاصة الصناعات كثيفة العمال كالغزل والنسيج والأثاث، وإذا نظرنا إلى هذه الركيزة عالمياً نجد أن أغلب الدول التى نهضت تنموياً كان بفضل وجود صناعة قوية للبتروكيماويات ومشتقات الحديد بما ضمن النهوض بالعديد من الصناعات التى نشأت عليهما، وبالتالى فإن الدولة مطالبة بأن تتدخل فى الاستثمار فى هاتين الصناعتين حتى تتواجد المواد الخام التى تمثل 60% من التكلفة والعمالة الفنية التى تمثل 20% من التكلفة، وهذا يدلل على أن ربحية هاتين الصناعيتين قليلة، ولكن الدولة عليها أن تنظر أبعد من ذلك أنها تحد من ازدياد الأسعار خاصة الحديد والأسمنت لضمان استمراريتها فى بناء البنية التحتية خاصة الطرق والكبارى.

ثانياً: وضع الحوافز اللازمة لتشجيع جناح التنمية الأول وهو القطاع الخاص على الاستثمار والتى تضمن معرفة التكلفة الاستثمارية والوقت والمبيعات وتكلفة التشغيل والاقتراح هنا بضمان أن يعود للمستثمر 70% من رأس المال إذا استثمر فى قطاعات أو مناطق معينة، مثل صناعة الغزل والنسيج أو فى سيناء كذلك دعم الصادرات وسعر الفائدة أو حوافز على العمالة والضرائب ثالثاً: العمل على تنمية الجناح الثانى وهو القطاع العام ليس بإعادة هيكلته أو تحويل شركاته إلى شركات رابحة فقط ولكن بضمان وجود إستراتيجية حقيقية لجعله قاطرة التنمية بعيداً عن الواسطة والمحسوبية واختيار أهل الثقة أو زملاء الدفعة والدراسة عند اختيار مجالس إدارات شركاته لضمان أن تكون الملكية قطاع عام فقط والإدارة بفكر قطاع خاص مستنير

هناك تجارب تاريخية لنظم تطورت تلقائياً وتدرجياً حتى وصلت لمرتبة الدول الصناعية المتقدمة منها الصين على يد Deng Xiao Peng الأب الروحى بعد Mao Ze Dong والذى بدأ باقامة منطقة اقتصادية خاصة فى شنزن لتصل إلى أكثر من 8800 منطقة اليوم كانت الصين فى وضع أسوأ من مصر لا نقول منذ 100 أو 200 سنة ولكن منذ 28 سنة فقط كان الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر يتعدى 8 مليارات دولار وفى الصين 5 مليارات دولار فقط تحديدا فى عام الخصخصة 1991 لكن مع جذب الكفاءات وإتخاذ إجراءات مهمة، مثل إنشاء اللجنة الوطنية للإصلاح والتغيير فيها صفوة الخبراء وليس صفوة المدعين مع جعلها أهم جهة فى الصين ودعم للصادرات وصل لأكثر من 23% وتخفيض الفائدة لأقل من 3% والوصول إلى 20 تريليون دولار تمثل قيمة أصول القطاع العام تحقق 350 مليار دولار أرباحاً سنوية وتدفع 650 مليار دولار ضرائب لتحصل الصين على 1000 مليار دولار سنوياً من وراء القطاع العام، ومن هنا فإن حصيلة التجربة التاريخية لنا تتطلب إعادة النظر وتعديل هذه النظم فإذا فشلت التجربة فلا بد من إعادة النظر فى منطلقاتها الأساسية بعد أن أدركنا عملياً أن فكرة المستقبل تتضمن قدراً من الحرية والجبر معاً لأن ما يتم اختياره يتحدد على أساسه المستقبل، لذلك لا يوجد مستقبل واحد بل مستقبلات متعددة يتحقق واحد منها فقط فى ضوء ما نختار، فالمستقبل نصنعه باختيارنا وأفعالنا، وأدركنا عملياً أيضاً أن التطورات الحديثة للمجتمع الصناعى ارتطبت بفئة التكنوقراط والبيروقراط، فالأول يزداد وزنه مع زيادة التقدم الفنى فى المجتمع والاندفاع نحو آخر التطورات الفنية للإنتاج لتحقيق قيمة اقتصادية أكبر حتى ولو تم تحميل تكاليف وأخطار أكبر على المجتمع، والثانى يزداد وزنه مع زيادة دور الدولة فى اتخاذ القرارات وزيادة سلطة ونفوذ البيروقراط والتعارض بين المصلحة العامة والخاصة، بل عدم التفرقة بين المال العام والخاص وهو ما نقلنا من مجتمع يعانى فساد الإدارة إلى مجتمع يعانى إدارة الفساد. مطلوب الآن وقبل أى وقت مضى الإيمان بأن التطور يقوم على تطوير الصناعات بإنشاء مناطق صناعية قوية ووضع حوافز مجدية وإعلاء دور القطاع العام والتفوق عالمياً فى مؤشرات الاستثمار لعل ذلك يكون بداية تحقيق التطور الحقيقى وتطهير جسد الدولة من بؤر الفساد عسى أن نكون قادرين على وضع خطة وننفذها بعد مرور 180 عاماً على آخر خطة مصرية تم تنفيذها.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية