عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

قبل أيام من انتهاء شهر رمضان الكريم، يمكن القول إن أبرز ما تم رصده هو إعلانات «التبرع» المنتشرة بكثافة عبر كافة وسائل الإعلام «المرئي، المقروء، المسموع، الإلكتروني»، مستخدمة خليطًا «كوكتيل» من مشاهير رجال الدين والرياضة والفن، لتحفيز الناس على التبرع.

لكن، تبقى تساؤلات مشروعة حول هذه الحملات الإعلانية «النبيلة» ومن يدفع تكلفتها، لأنه حتى لو تبرع هؤلاء النجوم بأجورهم «الأمر الذي لا يخلو من إعفاءات ضريبية»، فلن تعطي الفضائيات تلك المساحات الإعلانية الهائلة «لعشرات الجمعيات والمستشفيات» لوجه الله تعالى!

إن ما نراه من فوضى إعلانات التسول أو «الشحاتة» طيلة الشهر الفضيل، يدعو إلى ضرورة مراقبة حجم تلك التبرعات الضخمة وسيل الإعلانات باهظة التكاليف، وكذلك دعوة تلك المؤسسات للإفصاح عن مواردها المالية وبنود إنفاقها بشكل شفاف.

يمكننا ملاحظة أن معظم تلك المؤسسات «طالبة التبرعات» لا تنشر ميزانيتها المالية المفصلة، أو أنها قد تمتنع عن تقديم كشوف حساباتها، وهو ما يعتبر إخلالًا بحق المتبرعين في تتبع تبرعاتهم وبنود إنفاقها، ولذلك يمكن تفسير ذلك بأنه قد يكون خوفًا من اكتشاف المتبرع لحجم ما تصرفه تلك المؤسسات على الإعلانات ورواتب المديرين والعاملين.. وغيرها!

للأسف، ما نراه من مسلسلات إعلانية ـ كل عام، خصوصًا خلال شهر رمضان ـ طالبة توجيه التبرعات والزكوات والصدقات إليها، أمر يسىء لصورة الدولة، ويُلصق بها اتهامات التقصير والإهمال أو يُلغي دورها تمامًا، كما أنها من ناحية أخرى تحمل مشاهد مأساوية ونوعًا من المبالغة الفجة التي تؤثر سلبًا على الناس، وكذلك متاجرة رخيصة بالمرضى وبمشاعرهم.

لقد طفح الكيل من تلك الإعلانات الصادمة للمتلقي والمؤذية للمشاعر الإنسانية، التي تُشعرك بأن البلاد على امتدادها ممتلئة بالفقر والإملاق والعراء والأمراض والمجاعات وكافة أنواع البلاءات والابتلاءات، من خلال استغلال سيئ للدين والمروءة والشهامة والتكافل!

منذ عقود، عندما كنَّا صغارًا، لم نسمع سوى عن معونة الشتاء «تبرع إجباري»، وهو طابع بقرش، أو قرشين، والتي اختفت منذ زمن بعيد، لتحل محلها حملة «اتبرع ولو بجنيه»، التي أُطلقت في العام 1998، مع بداية انتشار أمراض الأورام والسرطان والكُلى بشكل كبير في مصر، والتي تعد ضمن النسب الأكبر في العالم!

ورغم كل ما سبق، إلا أن المؤسف في تلك الإعلانات هو استخدام الأطفال، بشكل مبتذل ورخيص لجذب تعاطف الناس ودفعهم للتبرع، حيث أصبحت البراءة وسيلة للمتاجرة، لاجترار عطف الناس واستنفار حميتهم وشهامتهم وشفقتهم.. وهذا ما لا يمكن قبوله على الإطلاق.

إن عرض الأطفال في تلك الإعلانات بشكل يُدمي القلوب، وعرضهم كمادة إعلانية بصورة غير إنسانية، أو أخلاقية، هو اعتداء نفسي على المتلقي، لأن الهدف واضح تمامًا وهو جيوب المتبرعين، دون النظر لما تتركه من أذى إنساني واستفزاز لمشاعر الناس، خصوصًا عندما يتم عرض أطفال في عمر الزهور مصابين بالحروق أو بثقب في القلب!

لقد طفح الكيل من فوضى المسلسلات الإعلانية في رمضان، كما أصبح استخدام الأطفال والاستجداء والإلحاح المستمر على التبرع تحت مسميات متعددة، وبأشكال مختلفة «بجنيه، بالفكة، بالملابس.. أو حتى برسالة فاضية»، أمرًا يدعو للاشمئزاز والقرف، بل يمكن اعتباره أحد مبطلات الصيام!

 

[email protected]