عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

جميع الديانات حثت الإنسان على العمل، كلمة عمل ومشتقاتها ذكرت فى التوراة حوالى 1357 مرة، وفى الأناجيل 209 مرة، وفى القرآن حوالى 360 مرة، والأعمال على أنواع، منها ما يخلد اسمك، ومنها ما يخلد فعلك، ومنها ما يضيع فى الهواء ولا يتذكره أحد، إذا كنت تفكر فى بقاء اسمك أو فعلك بعد موتك عليك أن تختار العمل الذى يمتلك فى ذاته القدرة على البقاء.

الصحافة والإعلام من المهن التى تحقق شهرة مؤقتة للنابهين فيها، لأنها من الأفعال التى ترتبط باللحظة،عندما تتوقف عن الكتابة،وعندما تبتعد عن الشاشة أو الميكروفون، تدخل دائرة النسيان، حتى لو كان اسمك ينشر يوميا،أنت مرتبط باللحظة وما تنتجه اللحظة، أنت تتناول اليومى والمعاش، واليومى متغير وطارئ، وما يظهر فى لحظة يتحول فى أخرى، هل تتذكر جميع من عملوا بالصحافة أو الإعلام، بعد خمسين سنة ما تتذكره اليوم بصعوبة، لن يتذكره أحد من الأجيال القادمة، ومن يرغب فى التذكر عليه أن يعود إلى الأرشيف.

أغلب ما نكتبه ونتناوله فى الفضائيات والإذاعة لا يمتلك فى ذاته القدرة على البقاء، ولا يمكنه تجاوز اللحظة التى كتب أو قيل فيها، وإذا حاولت استدعاءه من الأرشيف بعد فترة فأنت مطالب بتفسيره وتذكير القارئ أو المشاهد باللحظة التى كتبت أو تناولت فيها هذه القضية، تشرح الأسباب والملابسات التى دفعتك يومها إلى تناوله، إذا كان هذا حالك فى حياتك كصحفى وإعلامى، فما بالك بعد رحيلك.

هناك أعمال أخرى تختلف عن العمل بالإعلام، بعض ما ينتج فيها يمتلك القدرة على البقاء، بقاء اسمك أو بقاء منتجك ولفترة، مثل الاختراعات والانتصارات وما تبقى من الحضارات: المؤلفات، مثل الأهرامات، سور الصين، الكهرباء، القنبلة النووية، دواء لعلاج خطير، الانتصار فى الحروب الكبرى، وهذه الأفعال قد تبقيك موجودا لفترة، نحن نتذكر خوفو، وقد ننساه بعد هدم هرمه، ونتذكر صلاح الدين عند ذكر الحروب الصليبية، ونتذكر الجاحظ والمتنبى وطه حسن ونجيب محفوظ عندما نقرأ أعمالهم، أما الاختراعات فقد نتذكر الفعل ولا نتذكر الفاعل، البنسلين نستخدمه ولا نتذكر ألكسندر فلمنج، الكهرباء نستخدمها يوميا ولا نتذكر توماس إديسون، ونستخدم الراديو ولا نتذكر ماركونى، سيظل البنسلين والكهرباء والراديو إلى أن يشاء الله، لكن معظمنا لا يعرف أصحاب الفضل فى وجودها.

المهن أو الأفعال التى قد تخلد اسمك وفعلك، هى النبوة، أن يختارك الله عز وجل نبيًّا، مع ذكر الديانة يذكر اسمك، وهذا الفعل المرتبط بالسماء قد يخلد إلى يوم البعث، وقد يخلد لفترة، الله وحده الذى يقرر بقاء اسمك وزمنك وبلدك من عدمه، العديد من الرسل بعثهم الله ولم يذكرهم لنا.

بعد أن نموت ويموت جميع من يعرفنا، لن يستطيع مخلوق على وجه الأرض التأكيد أننا كنا، وأن الله عز وجل قد خلقنا، أنت فقط الذى يمكنك أن تبقى ذكر اسمك بعد موتك وبعد موت جميع من كانوا يعرفونك، حاول واعمل، قد تبقى أو يبقى عملك.

[email protected]