أحوال مصرية
مع أننى مدنى ـ ابن مدينة ـ لم أرتد القرى والنجوع إلا لماماً وعلى فترات! إلا أن قرية آل موسى السعودية تحتل مكانة خاصة لدى لإقامتى بها أكثر من ثلاث سنوات ولأننى عشت بها أحلى سنى عمرى فى فترة الدراسة الاعدادية، ولأنها أصبحت منصة للانطلاق إلى مدن ودول أخرى فى المستقبل خصوصًا فى منطقة الخليج.
آل موسى قرية سعودية وادعة جميلة تمتاز بطقسها المائل للبرودة، وتوجد فى جبال عسير غرب المملكة العربية السعودية وتتبع اداريا محافظة الباحة التى تعد مصيف المملكة إلى جانب مدن أخرى مثل الطائف وأبها وخميس مشيط، وتستوطن آل موسى قبائل آل زهران والتركى فى حين تستوطن الباحة قبائل آل تمامة وتقع آل موسى شمال الباحة (أكثر من 30 كم تقريبًا) تحدها جنوبًا قرية رغدان وشمالا قرية الأطاولة، والوصول إلى قرية آل موسى يتطلب المرور بالسيارة بقرية القرن على اليسار ثم الوصول إلى القرية بعد بضعة كيلو مترات وهى توجد فوق هضبة مرتفعة وتمتاز بمبانيها البيضاء الجميلة وبيوتها المنسقة كما توجد بها بعض المدارس ـ على أيامنا كانت هناك مدرستان فقط واحدة ابتدائى والأخرى للدراسة المتوسطة ـ الإعدادي، وكان هناك ملعب لكرة القدم بالقرية آخره وديان عميقة فى جبال مدرجة بالخضرة طوال العالم وأعلى الجبال توجد جبال اللوز الباسقة الخضراء وكانت الجلسة تحت أشجار اللوز متعة لا تضاهيها إلا متعة الخروج فى رحلات إلى وديان جبال عسير حيث تتساقط الأمطار عبر شقوق الجبال، وكثيرًا ما كنا نذهب فى حفلات مدرسية إلى تلك الوديان حيث نتناول الكبسة هناك ونستمتع بجمال الطبيعة الخرافى، وبخلاف الرحلات الى جبال عسير، كان الذهاب إلى محافظة الباحة متعة كبيرة، حيث نجد فيها ما لذ وطاب من الطعام، إضافة إلى شراء الصحف والمجلات والكتب، وفى تلك الفترة عرفت أمهات الكتب وأشهر الروايات والمؤلفات العالمية.
ومن المشاهد العالقة فى ذهنى بقرية آل موسى مباريات كرة القدم التى كنا نخوضها مع مدارس القرى المجاورة وكثيرا ما كنا نعود من مبارياتنا مظفرين بالنصر وتدوى كلاكسات السيارات، فتحيل ليل القرية إلى نهار ونحن نشدو «ما أحلى ديل العصفورة.. آل موسى هى المنصورة»، لقد أحدث الوافدون زخمًا جميلاً فى قرية آل موسى، والحقيقة أن أهلها أهل طيب وكرم كانوا يحبوننا كثيرًا كما نحبهم، وما زالت مشاهد قرية آل موسى تظهر وتختفى فى ذاكرتى من حين لآخر، وأتمنى رؤية وزيارة تلك القرية الرائعة مرة أخرى.