رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

من ذكرياتى القديمة.. يوم حريق القاهرة.... مصطفى النحاس ألغى معاهدة 1936 وطالب الإنجليز بالجلاء فورا أو الجهاد المسلح.... وبدأ الضباط والجنود الإنجليز يسقطون قتلى فى شوارع سليمان باشا وعماد الدين وغيرها.... ثم بدأ الإنجليز ينكمشون فى المعسكرات بالإسماعيلية وغيرها.. ولا يأخذون اجازات للسفر إلى القاهرة.... ولم يعد هناك قتلى من الإنجليز بنفس الأعداد القديمة!!! واحد أو اثنان كل كام يوم.... بدأت المقاومة تلقى القنابل على المعسكرات بالإسماعيلية فيخاف الضباط والجنود ويخرجون مسرعين إلى خارج المعسكر لاصطيادهم بالرصاص والقنابل.... إلى أن بلغت ذروة المقاومة فى حادث قطار أبوحماد، وجيه أباظة وهو من الشرقية علم بأن إمدادات ضخمة ستصل فى اليوم التالى.... كتيبة رجال وآلات ستقوم بحماية القوات الموجودة فى منطقة الإسماعيلية.... ذهب وجيه أباظة وبعض ضباط المقاومة إلى فؤاد سراج الدين فى وزارة الداخلية واتفقوا على الخطة.... قطار ما يحمل كل الكتيبة عند النزول بميناء الإسكندرية، وتقرر نسف القطار بكل من فيه وما فيه قرب مدينة أبوحماد، ليرى الإنجليز جثث زملائهم وبقايا قواتهم.... وقد كان.

«..»

جريدة «المصرى» - كانت قد أرسلت كتيبة صحفية إلى أبوحماد ضيوفا على آل أباظة.... كتيبة برئاسة المرحوم عبدالرحمن الخميسى للتصوير وكتابة القصة كاملة.... كان مانشيت «المصرى» صورة على ثمانية أعمدة.... بعرض الصحفة الأولى كلها!!.... ثم توالت احداث مهزلة نسف محافظة الإسماعيلية انتقامًا من حكاية القطار.... وإقالة وزارة النحاس وإعلان الأحكام العرفية وعلى ماهر رئيسا للوزراء....و....و...

ونصل إلى يوم حريق القاهرة....

«....»

رأى الإنجليز الانتقام من الوفد ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين بالذات!.... فوجئ أحمد أبوالفتح رئيس تحرير «المصرى» ببيان من القصر الملكى بورقة مكتوب عليها «الديوان الملكى».... الورقة عبارة عن بيان طويل يدعى أن سبب حريق القاهرة  فؤاد سراج الدين! لأنه آثر أن يبيع عمارة له ويسجلها فى الشهر العقارى ولم يهتم بحريق القاهرة الذى يعلم تفاصيله!

اجتمع أبوالفتح بكل رجال وسيدات الجريدة الكبار أصحاب الأقلام والمقالات وهم الذين كان عبدالناصر يسهر معهم كل ليلة فى حديقة «المصرى» حتى إن محكمة إدارية أصدرت حكما نهائيا بأن هذه الحديقة لها تاريخ بعيدا عن باقى المبانى والأراضى المصادرة، ومع ذلك لم تتسلمها الأسرة حتى الآن.... المهم أن الاجتماع قرر أن هذا البيان الملكى عبارة عن إعلان عن سلسلة محاكمات وإعدام وتنفيذ إعدام!!!!.... بيان غريب بداية الأمور فى منتهى الخطورة ولابد من مواجهتها بأقصى سرعة.. أخذ أحمد أبوالفتح البيان وذهب به إلى سراج الدين الذى قال إن هذا رد قاطع له اثبات وشهود على كل كلمة.... هنا طلب منه أبوالفتح أن يكتب بيانا مضادا.... ولكن هناك رقابة على الصحف الآن.... قال أبوالفتح إن لنا تصرفا وخطة مع الرقيب!

«....»

كان الرقيب شابا مدنيا يعمل فى ديوان وزارة الداخلية اسمه «بكر درويش».... وكان لابد من وضع خطة لنشر البيانين فى الصفحة الأولى متجاورين فضلا على كلمات ساخنة من كتاب كبار.... فى نفس الوقت كان الخوف على الشاب الذى ربما يواجه حكما قد يصل للإعدام.

كانت خطة محكمة جدا.... بكر درويش يكتب استقالة فى المساء ويرسلها لمكتب الوزير فى نفس الوقت ينزل لزملائه فى الصالة، ويطالبهم بأن يتولى أحد المهمة بدلا منه... و.... و.... ويخرج بكر درويش من هذا الموقف الشائك للغاية مثل الشعرة من العجين!! وتم توزيع كل الأعداد كالعادة والعدد الذى كان ثمنه قرش تعريفة وصل ثمنه إلى جنيه «200 ضعف» وعمل بكر درويش مندوبا للمصرى فى وزارة الداخلية ثم عمل بدار التحرير حتى توفى رحمه الله..

....

....

....

هذه القصة القصيرة السريعة أمليتها على صديقى وزميلى وأخى على خضير الإعلامى بروزاليوسف فى حوالى عشرين صفحة.... قصة تصلح لمن يريد أن يكون صحفيا بحق.... لا مجرد بوق الذي يسمونه الآن قلماً.... قلم الصحفى حاجة تانية.... فهناك أقلام يمسكها المحضر والباش كاتب وقلم.... العرضحالجى!