رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

كتبت كثيرا عن الديمقراطية، سواء فى مقالات أم دراسات، وكانت النقطة المحورية فى تناولى هى عن أهميتها وفاعليتها كأداة للحكم تأخذ بها معظم دول العالم خاصة الغربى منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. إلى جانب المقارنة بما عليه المفهوم الإسلامى للحكم وموقع الديمقراطية من الرؤية الإسلامية وما إذا كان هناك توافق أم لا؟ وكانت النقيصة التى يلصقها الكثير من نقاد الفكر الإسلامى أنه لا يوجد فيه ما يحبذ قيام نظام ديمقراطي، إن لم يكن على العكس حيث ان سمة نظم الحكم الإسلامية هى الديكتاتورية وكان يستعان فى ذلك بالخبرة العملية على أرض الواقع.

ولأن الديمقراطية قيمة عالمية وحققت قدرا كبيرا من الاكتساح فقد كانت إشارتى باللفظ هى أنك فى عالمنا المعاصر تستطيع أن تكفر بالله ولا تكفر بالديمقراطية! ولعل ما ذهب إليه المفكر الأمريكى ذو الأصل اليابانى فى كتابه «نهاية التاريخ» كان يشير فى جانب منه إلى انتصار الليبرالية الغربية وفى القلب منها الديمقراطية كأبرز قيمها فى إطار التطورات التى سادت العالم فيما بعد انهيار سور برلين وتداعى الاتحاد السوفييتي.

ورغم إيمانى بالديمقراطية وعدم قدرتى على شيء سوى إعلان مثل هذا الإيمان، إلا أن موقفى منها الذى قام على أساس أنها مهما علا شأنها فى النهاية تعتبر قيمة نسبية وليست مطلقة، جاء فى سياق ما مثل مفاجأة لى فى إطار محاولة الدراسة المعمقة لها من أنها لم تتمتع بهذه الحالة من الانتشار والفعالية والتطبيق سوى مؤخرا،  وأنها فى زمن من الأزمان كانت ذات سمعة سيئة وأنه كان يفضل عليها أشكال أخرى من الحكم أشرت اليها كثيرا فى كتابات سابقة.

وفى ذلك الصدد حرصت على تقديم ترجمة وتعليق سريعين لدراسة نشرتها مجلة فورين أفيرز الأمريكية منذ نحو عشر سنوات للباحث المتخصص فى الديمقراطية لارى دياموند التى جاءت تحت عنوان «الدولة المفترسة» وأشار خلالها إلى بعض مساوئ نظم الحكم الديمقراطية وانحسارها فى العالم. وهو أمر ربما أكدته رؤى صموئيل هنتجتون التى قدمها فى إطار كتابه حول «الموجة الثالثة».

على هذه الخلفية جاءت هواجسى وهواجس كثيرين بشأن مآل الديمقراطية، حيث بدأ الحديث فكريا عما اعتبره البعض «ما بعد الديمقراطية» وقد رصدت بعضا من ذلك ومؤشراتها على أرض الواقع من سلوك أنظمة متنوعة غربية كانت أم شرقية بما فيها سلوكيات نظام الرئيس الأمريكى التى تؤشر لتراجع الديمقراطية. وقد كتب الدكتور وحيد عبد المجيد عمودا رصينا فى الأهرام بهذا العنوان «ما بعد الديمقراطية» أيضاً أشار فيه إلى جانب من الأزمة التى تحيط بتطبيقاتها، كما كتبت الأستاذة أمينة النقاش مقالا فى الوفد بعنوان «حين تغدو الديمقراطية موضع مساءلة» تزامن مع مقال الدكتور وحيد أشارت خلاله إلى بعض القلق بشأن مسار تطبيقات الديمقراطية عالميا والمؤشرات على تداعيها.

ولعله فيما يشير إلى أن الأمر يتجاوز نطاق الهواجس ويرتقى إلى مستوى الشعور العالمى بأن الديمقراطية فى تراجع ذلك الموضوع الذى نشرته مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس على موقعها على الإنترنت وينشر فى عدد 6 يونيو القادم حول ما أطلقت عليه «موت الديمقراطية» الموضوع الذى كتبه آدم تووز يشير إلى هذا الجانب من خلال استعراض أربعة كتب تعرض باستفاضة لزوايا مختلفة تكشف عن تراجع الديمقراطية الكتاب الأول بعنوان «الشعب ضد الديمقراطية.. لماذا تواجه حريتنا الخطر وكيف ننقذها؟»، والكتاب الثانى «كيف تموت الديمقراطيات»، والكتاب الثالث هو «الطريق إلى انعدام الحريات :روسيا ، أوروبا ، أمريكا». وأما الكتاب الرابع فهو «كيف تنتهى الديمقراطية».

وبعيدا عن مضمون وتفاصيل ما ذهبت إليه مراجعة مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس»  لتلك الكتب، الأمر الذى قد نتناوله فى مقال قادم إن شاء الله، فإنك قد لا تحتاج للتوقف كثيرا لتدرك أن الديمقراطية بحق فى خطر وأنها فى النزع الأخير .. انظر حولك يمنة ويسرة وستزداد يقينا بأن الأمر يعبر عن تضافر الفكر مع الواقع فى التأكيد على «موت الديمقراطية»!

[email protected]