عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

الحديث عن التنمية بدأ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بأسلوب مهذب بدأ بتنمية الدول المتأخرة، تم تطور لتنمية الدول الفقيرة، ثم تطور لتنمية الدول المتخلفة ثم النامية إلى أن قدم أحد علماء فرنسا تعبير العالم الثالث مستندا إلى التاريخ السياسى لفرنسا قبل الثورة الفرنسية 1789 الذى كان يقسم فئات المجتمع إلى النبلاء ورجال الدين والطبقة الثالثة Tiers Etat أى الغير أو الغريب، ونقل هذا التعبير إلى علاقات الدول، وأصبحت الدول النامية هى التى خارج النظام العالمى أو الغريبة بالنسبة للدول المتقدمة، والأخطر أن هذا التوجه تم تطبيقه أيضا على المطبق، حيث قامت هذه الدول النامية أو الغريبة بتطبيقه على فئات المجتمع الثلاث، وهى طبقة الأغنياء وهى النبلاء والطبقة المتوسطة وهى رجال الدين وطبقة الفقراء، وهى الغير أو الغريبة وهى التى يجب التخلص منها أو قطع أى علاقة معها مثلما الحال بالنسبة للدول المتخلفة أو الغريبة، وهو ما خلق حالة من عدم السلم داخل المجتمع، وفى العلاقة بين طبقاته، وهى العلاقة التى من شأنها تحقيق نهضة المجتمع وبلوغ التنمية المستدامة. لا شك أن فهم هذه المقدمة البسيطة، هو حجر الزاوية نحو التعامل مع هذا الفكر المتطرف، وهو ما استوعبته العديد من النماذج العالمية الناجحة مثل الصين والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند، وهى دول يجمعها تجمع واحد وهو تجمع البريكس، ومع استقرار الوعى السياسى فى هذه الدول وإيمانها بأنه لا يمكن الاطمئنان إلى السوق للقيام بدور فعال فى التنمية إلا من خلال التدخل الحكومى، فكان التوجه نحو النظام المختلط لدعم القطاع الخاص مع رقابة صارمة من الدولة، وظهور سياسة الإنتاج من أجل التصدير، وهى السياسة التى أظهرت أسلوب العناقيد الصناعية التى تقوم على فلسفة التركيز على سياسات الاقتصاد الجزئى، بتوفير أفضل بيئة مناسبة للمشروعات الصغيرة بالتركيز على تجمعات جغرافية لمجموعة من المشروعات المرتبطة فيما بينها فى نشاط معين تدخل مع بعضها فى علاقة تكامل وتشابك فى جميع مراحل العملية الإنتاجية، معلنة عن تكوين السلسلة الكاملة للقيمة المضافة للمنتج. وتعتبر تجربة الصدفة المصرية فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى من أنجح التجارب فى مجال دعم العناقيد الصناعية لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة خاصة فى مجال صناعة الأثاث فى محافظة دمياط وصناعة الغزل والنسيج فى محافظة الغربية، حيث تركزت الصناعة فى تجمع جغرافى معين يتسم بالتخصص المرن، أى كل مشروع متخصص فى جزء معين من عملية الإنتاج، فضلا عن الابتكار الانفرادى والذى مع الوقت أصبح جماعيا داخل التركيبة المصرية، وعلى أرض الواقع فإن قيام الحكومة بتدشين مدينة دمياط للأثاث بموجب 999 لسنة 2015 من مجلس الوزراء ما هو إلا سياسة داعمة للعناقيد الصناعية، والتى تتطلب تركيز الدعم الحكومى على تقديم خدمات الأعمال الأكثر ملاءمة وتأمين الصادرات وتشجيع التصدير والتدريب ودعم الابتكار والتحديث وشراء المدخلات بالجملة، بعيدا عن مافيا الغرف التجارية ونار الاحتكار السلطوى، فضلا عن ضمان الدعم الإدارى والتكنولوجى والائتمانى لضمان وجود مدينة متكاملة متخصصة.

استرجاع التجربة المصرية فى العناقيد الصناعية فى هذا التوقيت، ما هو إلا محاولة جادة لدمج البعد الاجتماعى والثقافى مع البعد الاقتصادى. ولكن هذا يتطلب ضمان المشاركة الشعبية والمحلية ونقل المعرفة وأنماط الابتكار ضمن العناقيد القائمة. مطلوب الآن تكاتف الجهود نحو استرجاع هذه التجربة المصرية بعيدا عن تجارب الصدفة، ولكن بإعادة النظر فى المنطلقات الأساسية التى ارتكزنا عليها سابقا والتى قادتنا إلى الخروج من سرب النبلاء لسرب الجهلاء، لعل ذلك يكون سببا فى تكريس العادات السبع للأجيال الشابة من المبادرة إلى الثقة بالنفس، وإتقان العمل مع الاهتمام بالأولويات من خلال العمل الجمعى القائم على الفهم السلوكى والتعاون المشترك وأخيرا التطوير الذاتى عسى أن يكون ذلك نقطة انطلاق حقيقية نحو إيجاد المناخ الجاذب للشركات الصغيرة لتطبيق ناجح للعناقيد الصناعية.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية