رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ظاهرة محزنة، تضرب فى العمق وبقوة وتنتشر بسرعة الصاروخ، ألا وهى تجاهل التدين الجوهرى المرتبط بالمعاملات بين الناس، الجانب المنسى دوماً، وكأن الدين فقط هو الطقوس والشعائر والعبادات، أما على مستوى المعاملات فلا يلتفت لها الكثير، فتشاهد بوضوح الازدواجية المرعبة والتناقض الشديد.

وقبل أن أبدأ سرد بعض السلوكيات المشينة التى نراها جميعا حولنا، أؤكد أنه ما زال هناك أيضاً الصالحون، من يُطبقون جوهر الدين وأساسه، جنباً إلى جنب مع الشعائر والعبادات.

دعونا نرى واحكموا معى!!!

يدعى الإخلاص فى العمل ويغش الدواء والغذاء ومواد البناء.

تكادُ سِبحته لا تُغادر يديه وفى الخفاء يتحرّش بالنساء، ويخوض فى الأعراض ويقذف المحصنات.

مدرس يحدث تلاميذه عن الأخلاق، ويُقصر فى عمله ويُشجعهم على أن يأخذوا الدروس الخصوصية.

طبيب خان قسمه، وأمات إنسانيته وقتل ضميره بسكين بارد حينما فضل المال ووضعه فى المرتبة الأولى متناسياً فى ذلك أن الهدف الرئيسى من وظيفته هو تخفيف آلام الناس وتضميد جراحهم.

يصلى ويصوم بانتظام ويتلذذ بنشر الفضائح والشائعات على الفيسبوك حتى لو لم يعلم صحة ما ينشره.

يفضح معصية إنسان على الملأ ويتحدث عن وجوب الستر.

يخرج من صلاته ويتهم الناس فى ذممها وأخلاقها ويقبل الرشوة والمال الحرام.

يذكر كثيراً أهمية قيمة العدالة، وفى معاملة مرؤوسيه يظلم هذا ويتحيز لذلك ويفضل هؤلاء لاعتبارات شخصية.

كاتبٌ مخضرمٌ محترف، ميّزهُ الله بموهبة الكتابة وأعطاه قوة الكلمة والتأثير مع مِنبرٍ إعلامى عظيم ينشر فيه ما يُريد، فيستغل قلمه لإرضاء منافعه، فيُداهن ويُرائى ويصمت عن الحق ثم يدّعى عكس ذلك.

تاجر يُطيل لحيته باعتبارها سُنة ويحتكر السلع لبيعها بسعر أعلى، وآخر يُقصر جلبابه ويُكثر السباب واللعن بين الناس.

أب يشكو كثيرا من عقوق أبنائه، ولا يذكر أو يتعمد ألا يتذكر عقوقه هو لوالديه، فشرب من نفس الكأس، وذاق ذات المرارة.

زوجة تشكو دوما من زوجها وتنسى له كل ما هو جميل وتطالبه فى ذات الوقت ألا ينسى تضحياتها من أجله.

يتعجب من عدم إقامة دولة العدل ويظلم هو زوجته وأبناءه ويُهدر حقوقهم.

يحلف اليمين ويُؤدى قسَم الولاء لآداب مهنته كوزير أو طبيب أو ضابط أو قاضٍ، فَيَحنث بيمينه ويَخون قَسَمه ويظلم من كُلف بمراعاة حقوقهم.

محامٍ يَعلمُ يقينا بمعرفة قانونية مُحكَمة، خطأ مُوكله، بل جنايته، ومع ذلك يصفه بالمجنى عليه ويطلب له البراءة، ثم يُردد على مسامعنا أنه رجل عدل.

بعد أن يُسلّم من صلاته يجلس مع أصدقائه ليتفاخر بعدد من يُصاحبهن ويُشوه سمعتهن، وكأنهن دُميات يلهو بسيرتهن أمام الناس.

يتحدث عن النظافة ويصفها بأنها درب من دروب الإيمان ثم تجده يلقى قمامته من نافذة سيارته.

والأمثلة ما زالت كثيرة، وحدث بلا استشعارٍ لأى حرج، وتحتاج لسطور تملأ كتباً لسردها.

ولا أحب لغة التعميم أبدا، وأكره أيضاً نبرة التشاؤم المريرة، فدائماً أرى بصيص الأمل مهما اسود الواقع أو تكاثرت ظلماته، ولكن أيضاً أُفضل أن نرى الحقيقة مهما كانت بشاعتها، فعرض الحقائق ضرورى لحلّها أما إنكارها فلا يُفيد فى حلها.

وأتساءل، هل الدين أُفرغ من مضمونه ولم يتبق منه سوى الشعائر أو العبادات؟

متى يفهم العامة أن أساس الدين هو رقى المعاملات مع الغير؟

متى يرقى الناس إلى منزلة «حب لأخيك ما تُحبه لنفسك» وأن تلك المنزلة هى التدين بمستواه الرفيع وبمفهومه الروحى البديع؟

متى يرى الجميع أنه كلما احترمت حقوق الآخرين، كلما طبّقت صحيح الدين بمفهومه السليم؟

متى يفطن الخلق إلى أن العبادات التى تعتبر نصف الدين هى بمثابة علاقة خاصة بين المرء وربه وليس من حق أحد الدخول فيها أو الاطلاع عليها وليست محل تقييم من أحد؟

متى يقتنع الناس بأن جوهر الدين هو الأخلاق؟

[email protected]