عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوال مصرية:

استكمالاً لمقالى السابق فى الأسبوع الماضى حول «من قنا الى الباحة.. رمضان فى السعودية»، أتذكر أن سفرى الى السعودية فى مطلع سبعينيات القرن الماضى كان صدمة حضارية لى، ونقلة هائلة  على مستوى الوعى والفكر والإدراك لثقافة دينية مغايرة، تختلف تماماً عن مجتمع متعدد الثقافات يضرب بجذوره فى أعماق التاريخ، باختصار وجدت رمضان فى السعودية تختلف طقوسه تماماً عن رمضان فى مصر، فلم يكن هناك فى قرية آل موسى التابعة لمحافظة الباحة حيث أقمنا أية دلائل للاحتفال بالشهر الكريم كما هو الحال فى مصر، فلا زينة رمضان ولا مدفع إفطار ولا كنفانى ولا أغنية «وحوى يا وحوى» التى كنا نرددها صغاراً، كانت طقوس رمضان فى القرية تقتصر على الانتظام فى الصلوات الخمس، وقراءة القرآن كاملاً طوال الشهر الفضيل، فقد كنا نجتمع فى حلقة كبيرة نحن الوافدين بعد صلاة العصر ونقرأ كل منا بعض آيات القرآن بالتسلسل بيننا، حتى ختمنا القرآن كاملاً  فى نهاية رمضان، وكان ذلك متعة روحية لا تعادلها متعة، كما كنا نحرص على أداء صلاة التراويح ليلاً، وفى أوقات الفراغ طوال النهار كنا نمارس لعبة كرة القدم أو لعبة الكرم القريبة للطاولة عندنا.. اضافة الى عقد جلسات سمر ليلاً كل أسبوع تقريباً فى منزل أسرة أحد الوافدين بما يلزمها من طعام وشراب، وقد أتاحت لنا تلك السهرات التعرف على عادات وتقاليد وتعاملات الشعوب المجاورة، فعرفنا وجبة الكبسة فى السعودية والماندى فى اليمن والكبيبة فى سوريا ولبنان وفلسطين، وبخلاف الطعام تعرفنا على نمط الحياة الاجتماعية وعادات الزواج فى كل البلاد العربية تقريباً، ومن أجمل أيام رمضان فى السعودية  ساعة الإفطار، حيث كان المسجد بعيداً عنا ولم نكن نسمع الأذان ولا يوجد مدفع افطار أيضاً، فتطوعت ابنة صاحب المنزل لإبلاغنا بأذان المغرب، فكانت تصبح وقتها فرحة "ودّن ودّن".. كما أتاحت لنا الاقامة والعمل فى السعودية قضاء العمرة فى ليلة القدر وتلك كانت ليلة من أجمل ليالى العمر إن لم يكن أجملها على الاطلاق، عندما رأيت الكعبة أول مرة أخذت أنظر اليها مشدوهاً مدة كبيرة لكى أملأ عينى بنفحة إيمانية طال انتظارها، وأتذكر أننى بقيت مستيقظاً حتى الصباح أمام الكعبة لكى أصلى الفجر حاضراً أمام الكعبة، لم تكن الكعبة تمثل اتساعه الحالى، ولكنها كانت عامرة بجمالها واتساعها وكنت أحفظ أبوابها جميعاً رغم اتساعها، وكنت أسعد كثيراً بشرب ماء زمزم.. ما أجملها تلك الأيام.. وما أحلى رمضان فى السعودية.