عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

رمضان فى الصعيد يختلف عن رمضان القاهرة واسكندرية ومحافظات وجه بحرى وخصوصا فى الصيف.. ومن سوهاج حتى أسوان، الصيف فى الصعيد لا يطاق، ومن أول شهر مايو حتى سبتمبر على الأقل، يعنى خمسة شهور، يكاد الصعيدى يلامس الشمس فيها بأصابعه لإحساسه أنها منخفضة وقريبة من الأرض، وفوق رأسه مباشرة.. ومحافظة قنا أكثر محافظات الصعيد سخونة، وحرارتها هى الأعلى، وكأنها قطعة من نار ملقاة فى صحراء، وصيفها، من يونيو إلى أغسطس، لا يعرف قساوته غير القنائيين.. وفى شهر رمضان يكون أهل الصعيد، وقنا تحديداً، أضعف خلق الله، من شدة العطش، حتى أن حناجرهم الجافة تتحول إلى قطع من الحجارة المسننة المدببة فى الحلق!

وإذا كان اختراع الثلاجة من الأشياء المهمة التى عرفها الانسان لحفظ طعامه، فإنها كانت الأهم لحفظ حياة الصعايدة فى قنا، وفى شهر رمضان وقبل أذان المغرب كانت الأمهات يرسلن أولادهن لبيوت الجيران الذين لديهم ثلاجة للحصول على بعض قطع الثلج لتبريد السكر بالليمون، والعرقسوس، وهما أكثر المشروبات انتشارا عن غيرهما من مشروبات مثل قمر الدين أو الخشاف، لأن قنا كانت، ومازالت من المحافظات الفقيرة، والمكسرات والزبيب وجوز الهند من الأشياء النادرة وكان بديلها الوحيد البلح والفول السودانى لحشو كل حلويات رمضان!

والمطبخ الصعيدى فى صيف شهر رمضان، وكل صيف، لا يعرف سوى صنفين من الطعام.. الملوخية والبامية الويكا أو البامية «الهرك» كما يقولها أهل قنا، لانهما الأخف والأقل دسماً، حيث إن حرارة الجو لا تحتمل الأكل المسبك والدهون الكثيرة، لكن الصيام يحتاج كذلك إلى تنوع فى الأطعمة وهو ما يكون من الصعب احتماله مع ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، ومهما حاول الصعايدة التغيير فى أنواع الطعام فإن الجو وقسوته لا يسمحان لهم بذلك ويكتفون بملء بطونهم بالماء للارتواء على الأقل حتى لا يكون جوعًا وعطشًا!

وعندما وصل التليفزيون الصعيد، فى أوائل الستينيات، عرف الصعايدة السهر فى ليل رمضان بعد أن كانوا ينامون بعد صوت الديك من الراديو في تمثيلية ألف ليلة وليلة بموسيقاها المميزة، وبصوت الفنانة زوزو نبيل الهادئ، وبأداء الفنان عبدالرحيم الزرقانى الطيب، فجعل التليفزيون لشهر رمضان مذاقاً مختلفاً، خصوصاً مع انطلاق الفوازير، فأزاح الراديو من مكانته العالية فى نفوسنا، وعلى الرف الخشبي، وكدنا ننسى وجوده فى حياتنا بعد أن أصبح التليفزيون هو مصدر المتعة والترفيه والرفاهية الوحيد فى حياة الصعيدى فى شهر رمضان وكل شهور السنة!

 

[email protected]