رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللافت للأنظار أن دراما رمضان هذا العام ترفع شعار القليل من الإنتاج بمضمون جيد، مقارنة بالأعوام السابقة، التى كانت تشهد استفزازاً بشعاً للمواطنين. والحقيقة أن هذا العام تغيرت الصورة تماماً فى الدراما الرمضانية، واختفى عن المشهد كبار النجوم الذين كانوا يحصلون على أموال باهظة، وأنا هنا لا أعيب على نجومنا الكبار، لكن يبدو أنهم لم تعجبهم خفض أجورهم، فانسحبوا من المشهد تماماً وهذا حقهم، أما المهم فى هذا الأمر هو أن هناك حرصاً شديداً على وضع الأمور فى نصابها الصحيح، وبصراحة شديدة، وباعتبارى مواطناً من ملايين المواطنين كانت تصيبنى ارتكاريا وأنا أسمع عن الأموال الباهظة التى يتقاضاها الفنان فى تقديم عمل درامى، وليس هذا حقداً- لا قدر الله- على هذا الفنان أو هذه النجمة، وإنما فى وقت تمر به البلاد بظروف استثنائية، لا يجب بأى حال من الأحوال أن نسمع عن عشرات الملايين التى يتقاضاها الفنان الفلانى أو العلاني.

والأغرب أيضاً فى هذا الشأن أن المنتجين الذين كانوا يدفعون هذه الأموال الباهظة، وكنت دائماً ما أسأل نفسى سؤالاً مهماً لا أصل إلى اجابة له: هل هذا المنتج أو تلك الشركة تحصل هذه الأموال وتزيد عليها أرباحاً؟ وجاء اليوم فى رمضان 2019، ليتم وضع الأمور فى نصابها الصحيح، وأتمنى أيضاً أن يعاد النظر مرة أخرى فى أجور بعض الفنانين الذين لا تزال أجورهم مرتفعة بشكل يفوق الخيال، ويسلم رأس وفكر من اتخذ القرار بخفض الأجور التى كانت مثار دهشة لجمهور المواطنين وتثير استفزازاً بشعاً بين الناس الذين يتحملون الإجراءات الصعبة فى ظل الإصلاح الاقتصادى الحالي.

وسيمر رمضان والدراما الموضوعة لمشاهدتها فى الشهر الكريم ولن تتأثر بشيء، وليس هذا سباً أو تطاولاً فى حق الفنانين الذين رفضوا أن يطرأ على أجورهم أى تغيير والخاسر الوحيد فى هذا الشأن هم النجوم المنسحبون من المشهد الذين ارتفعت أجورهم بشكل يفوق الوصف والخيال ويثير الاستفزاز بين المواطنين.

ما أقوله ليس انتقاصاً أو افتئاتاً على الفنانين الذين يغالون فى أجورهم، وإنما الحد زاد على المعقول بشكل لا يقبله العقل أو المنطق، وكذلك المنتجين الذين بالغوا فى وقت من الأوقات فى دفع الملايين الكثيرة حتى جاء اليوم لضبط هذه المنظومة الدرامية، وأعتقد أن الأعوام القادمة ستشهد تغييراً أوسع وأشمل حتى يتم وضع كل الأمور فى نصابها الطبيعى، لكن خطوة هذا العام تستحق أن نضرب لها تعظيم سلام سواء فى تقليل حجم الدراما المعروضة أو تقليل النفقات، وليس فى هذا عدوان أبداً على الدراما أو الفكر الثقافى، خاصة أنه خلال السنوات الماضية، تعدت الأمور الوصف والحدود بشكل يدعو إلى الضيق والحسرة والاشمئزاز.

ولا يعقل أبداً فى ظل هذه المرحلة الفارقة فى تاريخ البلاد التى تشهد مشروعاً وطنياً من أجل تأسيس الدولة العصرية الحديثة، أن تجد أية مغالاة فى أى شيء، حتى ولو كان ذلك فى الفنون والآداب التى تقدم، وحتى لا يفهمنى أحد خطأ، فإن الدراما والفكر والثقافة غذاء مهم أولاً لروح الإنسان، وطبيعة اعتقادى ودراستى تدعو إلى تشجيع الدراما والفكر والثقافة، لكن ترفض السفه أو الإسفاف الذى طالعنا خلال العقود الزمنية الماضية، ومن بين ذلك المغالاة الشديدة فى أجور الفنانين، وهو ما يرفضه المنطق والعقل.

وتبقى فعلاً أهمية ضبط هذه المنظومة أكثر بما لا يخل بتقديم الأعمال الدرامية المعروضة على الناس، وبما يتناسب مع الواقع الجديد فى مصر الجديدة التى تغيرت الصورة فيها تماماً.

ولدى قناعة أن الفترة القادمة ستأخذ فيها الدراما المصرية شكلاً آخر يساعد الدولة المصرية فى مشروعها الوطنى الجديد، بدلاً من الإسفاف الذى شوه عقول وفكر الناس طوال سنوات عديدة، ومصر ولادة ولن تعدم الفنانين الذين يؤدون الرسالة الوطنية المطلوبة..