رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

يعد مبدأ الفصل بين سلطتى الاتهام والتحقيق أحد مبادئ الإجراءات الجنائية التى تحقق ضمانات الحرية الفردية، فالجمع بين هاتين السلطتين فى يد هيئة واحدة يؤدى إلى استبدادها، ولقد استقر العمل فى النظام المصرى على اعتبار النيابة العامة صاحبة الحق الأصيل فى تحريك الدعوى العمومية وفى القيام بالتحقيق، فقد اعتنق قانون الإجراءات الجنائية 1951 مبدأ الفصل بين سلطتى الاتهام والتحقيق ثم طرأ تعديل بموجب القانون رقم 353 لسنة 1952 والذى بمقتضاها أسندت سلطة التحقيق الابتدائى للنيابة العامة بصفة أصلية فضلًا عن كونها سلطة اتهام، فجمعت بين نقيضين خصم وحكم فى آن واحد!

على النقيض صدر قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادر 2010 بشأن قضية المحامية «فرانس مولان» التى اوقفتها النيابة العامة بمدينة تولوز سنة 2005 ووضعتها تحت الحراسة النظرية، فلجأت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتى أصدرت قرارًا يقضى بأن النيابة العامة ليست سلطة قضائية! فصادقت محكمة النقض الفرنسية 2010 على هذا القرار وأكدت أن النيابة العامة ليست سلطة قضائية من وجهة نظر الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبالتالى لا يحق لها حرمان أى مواطن من حريته ووضعه رهن الاعتقال، وأن الوكلاء «وكلاء النيابة» هم قضاة، لكنهم ليسوا قضاة الأحكام، فالنيابة العامة تتابع والقاضى يحكم.

وقد أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكم يقضى بأن النيابة العامة ليست سلطة قضائية حسب تفسير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التى أكدت فى قرارها إن هذا الجهاز لا يضمن الاستقلالية والحياد المطلوبين وهو جهاز تابع وليس مستقلاً عن السلطة التنفيذية ويعتبر طرفًا فى الدعوى إلى جانب المحامى والطرف المدنى، فالنيابة العامة هى التى تسهر على المتابعة وتطالب بالإحالة على هيئة الحكم، لذلك فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تعترف بأن النيابة العامة سلطة قضائية، فهى تعترف فقط بقضاة الأحكام بأنهم يشكلون سلطة قضائية، وتؤكد أن الشخص الذى أُلقى القبض عليه وحُرم من حريته يجب تقديمه بأسرع وقت ممكن أمام قاضى الحريات أو قاضى التحقيق وليس أمام النيابة العامة، وعلى أثر هذا القرار اعتمدت لجنة القوانين بالجمعية الوطنية الفرنسية توصية تؤكد ضرورة مراقبة الحراسة النظرية والاعتقال من لدن قاضى الحريات وليس النيابة العامة تمشيًا مع قرار محكمة النقض، ويعتبر هذا التطور خطوة فى اتجاه مراجعة نظام النيابة العامة بأكمله!

وترجع أهمية الفصل بين سلطتى الاتهام والتحقيق فى حماية الحريات الشخصية من كل تحكم واستبداد، كما أنه يحقق التوازن بين حق الدولة فى العقاب وحق المتهم فى الحرية الفردية، فما الذى يمنع المشرع المصرى من الأخذ به؟

 

‏e-mail: [email protected]