عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

في نبرة تعكس التحيز ضد إيران – المقصود أو ربما غير المقصود – نشرت إحدى صحفنا أمس الأول في سياق التناول الإخباري لأحداث الساعة تغطية موسعة عن علاقة الشد والجذب بين الولايات المتحدة وإيران أشارت خلالها إلى توجيه واشنطن ما اعتبرته الصحيفة ضربة قاضية ضد طهران على خلفية تصريحات وزير الخارجية الأمريكي التي أشار خلالها إلى اعتزام بلاده إنهاء المهلة الممنوحة بشأن صادرات البترول الإيراني مع أول مايو المقبل، أي بعد أقل من أسبوع من الآن.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطوات أخرى تصعيدية منها رصد واشنطن مبلغ عشرة ملايين دولار مقابل أي معلومات عن تمويل حزب الله. غير أن تأمل مواقف الطرفين، فضلا عن طبيعة المشهد الدولي على خلفية هذه القضية يشير إلى أن مسعى واشنطن سيصاب في النهاية بالفشل، في ضوء اعتبارات عديدة، الأمر الذي أشارت الصحيفة ذاتها إليه في إطار استعراضها للموضوع ويمكن استنتاجه من الإحاطة بطبيعة القضية وأبعادها.

بعيدا عن طبيعة الموقف العربي الحالي تجاه الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، والمناوئ للأخيرة، مع الأخذ في الاعتبار بالطبع مخاوف بعض الدول العربية، فإن الأمر يجب النظر إليه بمنطق المثل القائل « أكلت يوم أكل الثور الأبيض» حيث إن إجهاز الولايات المتحدة على إيران يعني بشكل أو بآخر تسهيل مهمتها التالية والمؤكدة في الاستفراد بالدول العربية التي تقع ضمن مخططات الإضعاف أو الإنهاك الأمريكية. ولعله من هنا فإن الحذر ربما يكون واجبا في مساعدتها في مهمتها تضييق الخناق على طهران، ما يعني ضرورة عدم الإسراع بتوفير النفط البديل عربيا ليسد النقص الحاصل جراء وقف الصادرات الإيرانية. هذا فضلا بالطبع عن أن تبني الموقف الأمريكي عربيا ربما يعبر عن قدر من عدم الرشادة بخوض معركة ربما ليس لنا ناقة فيها ولا جمل.

أما على صعيد مستقبل الخطوة الأمريكية ومدى نجاحها في الإجهاز على إيران، فمن الواضح أن تصريحات بومبيو تمثل قفزة في المجهول، حيث يتوجه الإجراء الأمريكي ضد ثماني دول تستورد النفط من إيران وهو سلعة غير مرنة ما يعني صعوبة تخلي هذه الدول عن استيراد النفط الإيراني.

بعيدا عن رد الفعل الإيراني والذي من الطبيعي أن يحاول أن يبدو صامدا في مواجهة الضغوط الأمريكية، فإن المواقف الأولية للدول المعنية والتي يجب عليها وقف استيراد النفط من إيران وفق المطالب الأمريكية تشير إلى نوع من الممانعة والمماطلة قد ينتهي إلى عدم التنفيذ، الأمر الذي يعززه قصر الفترة الممنوحة من واشنطن لتنفيذ هذا الطلب. فقد أبدت الصين معارضتها للخطوة الأمريكية، فيما طالبت الهند واشنطن بمراعاة حلفائها الإستراتيجيين وعدم الحديث عن وقف المبيعات تماما. أما العراق فقد راح يؤكد أنه لا يملك بديلا لاستيراد الغاز الإيراني. مؤدى ذلك أن الوضع الدولي بشأن هذه القضية لا يشير إلى أن الأمور تسير بمنطق أن واشنطن تأمر وباقي الدول تستجيب.

السؤال إذن لماذا تلقي واشنطن بمصداقيتها على المحك؟ من المتصور أن تصريحات بومبيو لا تعدو أن تكون وسيلة لمزيد من الضغط على طهران من أجل تحقيق أفضل موقف تفاوضي في إطار المعركة الجارية بين الدولتين. ولعل طول فترة تلك المعركة والتي تصل إلى أكثر من أربعة عقود تشتد وتخفت بين فترة وأخرى، يشير إلى أن إيران عصية على التطويع – بغض النظر عن أي تحفظات ترد على مواقفها من جانبنا كعرب – وأن واشنطن لا تملك عصا سحرية تدير بها شئون العالم.

بهذا الفهم أظن أننا يجب أن نقترب من التعامل مع قضايا وأزمات النظام الدولي والذي نقع كعرب في القلب منه كأطراف مفعول بها وليست فاعلة، فقد يساعدنا ذلك في تحديد نمط التعامل مع أطراف هذا النظام واقفين ولسنا منبطحين!!

[email protected]